الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن قتل نفسه لم يصل عليه

                                                                                                          1068 حدثنا يوسف بن عيسى حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل وشريك عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن رجلا قتل نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح واختلف أهل العلم في هذا فقال بعضهم يصلى على كل من صلى إلى القبلة وعلى قاتل النفس وهو قول الثوري وإسحق وقال أحمد لا يصلي الإمام على قاتل النفس ويصلي عليه غير الإمام

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أن رجلا قتل نفسه إلخ ) ، وفي رواية مسلم أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه وفي رواية النسائي أن رجلا قتل نفسه بمشاقص- والمشاقص جمع شقص ، وهو سهم عريض- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنا فلا أصلي عليه .

                                                                                                          [ ص: 152 ] قوله : ( هذا حديث حسن ) أخرجه الجماعة إلا البخاري . قوله ( فقال بعضهم يصلى على كل من صلى للقبلة وعلى قاتل النفس ، وهو قول سفيان الثوري وإسحاق ) قال النووي في شرح مسلم تحت هذا الحديث ما لفظه : وفي هذا الحديث دليل لمن يقول : لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه ، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي ، وقال الحسن والنخعي وقتادة ، ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه ، وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله ، وصلت عليه الصحابة ، وهذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في أول الأمر على من عليه دين زجرا لهم عن التساهل في الاستدانة ، وعن إهمال وفائها ، وأمر أصحابه بالصلاة عليه ، فقال صلى الله عليه وسلم : " صلوا على صاحبكم " قال القاضي مذهب العلماء كافة : الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم ، وقاتل نفسه ، وولد الزنا ، وعن مالك ، وغيره : أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد ، وأن أهل الفضل لا يصلون على الفساق زجرا لهم ، وعن الزهري : لا يصلى على مرجوم ويصلى على المقتول في قصاص ، وقال أبو حنيفة رحمه الله : لا يصلى على محارب ، ولا على قتيل الفئة الباغية ، وقال قتادة : لا يصلى على ولد الزنا ، وعن الحسن : لا يصلى على النفساء تموت من زنا ، ولا على ولدها ، ومنع بعض السلف الصلاة على الطفل الصغير ، واختلفوا في الصلاة على السقط فقال بها فقهاء المحدثين وبعض السلف : إذا مضى عليه أربعة أشهر ، ومنعها جمهور الفقهاء حتى يستهل ، أو تعرف حياته بغير ذلك ، وأما الشهيد المقتول في حرب الكفار فقال مالك والشافعي والجمهور : لا يغسل ، ولا يصلى عليه ، وقال أبو حنيفة : يغسل ، ولا يصلى عليه ، وعن الحسن : يغسل ويصلى عليه . انتهى كلام النووي ، وقال الشوكاني في النيل : وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء إلى أنه يصلى على الفاسق ، وأجابوا عن حديث جابر بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس ، وصلت عليه الصحابة ، ويؤيد ذلك ما عند النسائي : أما أنا فلا أصلي عليه . انتهى . ( وقال أحمد : لا يصلي الإمام على قاتل النفس ويصلي عليه غير الإمام ) يدل عليه ما في رواية النسائي من قوله صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فلا أصلي عليه " .




                                                                                                          الخدمات العلمية