الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد عن قتادة : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا قال : أحسن منزلا، وخير مأوى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وأحسن مقيلا قال : [ ص: 158 ] مصيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : خير مستقرا وأحسن مقيلا . قال : في الغرف من الجنة، وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وذلك مثل قوله : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا [الانشقاق : 7-9] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المبارك في "الزهد"، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء، ثم قرأ : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا وقرأ : (ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : إنما هي ضحوة، فيقيل أولياء الله على الأسرة مع الحور العين، ويقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 159 ] وأخرج ابن المبارك ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو نعيم في "الحلية"، عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس يوم القيامة نصف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، فذلك قوله : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن سعيد الصواف قال : بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وإنهم ليقيلون في رياض الجنة حين يفرغ الناس من الحساب، وذلك قوله : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا أي : مأوى ومنزلا . قال قتادة : حدث صفوان بن محرز قال : إنه ليجاء يوم القيامة برجلين، كان أحدهما ملكا في الدنيا فيحاسب، فإذا عبد لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار، والآخر كان صاحب كساء في الدنيا فيحاسب، فيقول : يا رب، ما أعطيتني من شيء [ ص: 160 ] فتحاسبني به . فيقول : صدق عبدي، فأرسلوه . فيؤمر به إلى الجنة، ثم يتركان ما شاء الله، ثم يدعى صاحب النار، فإذا هو مثل الحممة السوداء، فيقال له : كيف وجدت مقيلك؟ فيقول : شر مقيل، فيقال له : عد، ثم يدعى بصاحب الجنة، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر . فيقال له : كيف وجدت مقيلك؟ فيقول : رب، خير مقيل . فيقال : عد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا قال : يفرغ الله من حساب الناس نصف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، الساعة التي يكون فيها ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل الجنة فينطلق بهم إلى الجنة، فكانت قيلولتهم في الجنة، وأطعموا كبد الحوت، فأشبعهم كلهم، فذلك قوله : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن عكرمة ، أنه سئل عن يوم القيامة، أمن الدنيا هو أم [ ص: 161 ] من الآخرة؟ فقال : صدر ذلك اليوم من الدنيا، وآخره من الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية