الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2406 ) فصل : وإذا رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم ، فقتله ، أو أرسل كلبه عليه ، فقتله ، أو قتل صيدا على فرع في الحرم أصله في الحل ، ضمنه . وبهذا قال الثوري ، والشافعي ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي ، وحكى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى ، لا جزاء عليه في جميع ذلك ; لأن القاتل حلال في الحل .

                                                                                                                                            وهذا لا يصح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا ينفر صيدها } . ولم يفرق بين من هو في الحل والحرم ، وقد أجمع المسلمون على تحريم صيد الحرم ، وهذا من صيده ، ولأن صيد الحرم معصوم بمحله بحرمة الحرم ، فلا يختص تحريمه بمن في الحرم ، وكذلك الحكم إن أمسك طائرا في الحل ، فهلك فراخه في الحرم ، ضمن الفراخ ; لما ذكرنا ، ولا يضمن الأم ; لأنها من صيد الحل ، وهو حلال . وإن انعكست الحال ، فرمى من الحرم صيدا في الحل ، أو أرسل كلبه عليه ، أو قتل صيدا على غصن في الحل أصله في الحرم ، أو أمسك حمامة في الحرم ، فهلك فراخها في الحل ، فلا ضمان عليه ، كما في الحل .

                                                                                                                                            قال أحمد ، في من أرسل كلبه في الحرم ، فصاد في الحل : فلا شيء عليه . وحكي عنه ، رواية أخرى ، في جميع الصور : يضمن .

                                                                                                                                            وعن الشافعي ما يدل عليه . وذهب الثوري ، والشافعي ; وأبو ثور ، وابن المنذر ، في من قتل طائرا على غصن في الحل ، أصله في الحرم : لا جزاء عليه . وهو ظاهر قول أصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقال ابن الماجشون ، وإسحاق : عليه الجزاء ; لأن الغصن تابع للأصل ، وهو في الحرم . ولنا ، أن الأصل حل الصيد ، فحرم صيد الحرم بقوله عليه السلام : { لا ينفر صيدها } . وبالإجماع ، فبقي ما عداه على الأصل ، ولأنه صيد حل صاده حلال ، فلم يحرم ، كما لو كانا في الحل ، ولأن الجزاء إنما يجب في صيد الحرم ، أو صيد المحرم ، وليس هذا بواحد منهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية