الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          النكاح سنة ، والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة ، إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور بتركه فيجب عليه . وعنه : أنه واجب على الإطلاق .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( النكاح سنة ) وهو من له شهوة ولا يخاف الزنا ; لأن فعله راجح على تركه ; لأنه عليه السلام علقه بالاستطاعة ، والواجب لا يعلق عليها ( والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة ) كصوم وصلاة ، ونحوهما ( إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور ) أي : الزنا ( بتركه ، فيجب عليه ) في قول عامة الفقهاء ، ويقدم على حج واجب ، نص عليه ، قال ابن هبيرة : اتفقوا على أن من تاقت نفسه إليه ، وخاف العنت ، فإنه يتأكد في حقه ، ويكون أفضل له من الحج ، والجهاد والصلاة والصوم المتطوع بها ، وزاد أحمد ، فبلغ به إلى الوجوب مع الشرطين ، وهما : أن تتوق نفسه ، ويخاف العنت [ ص: 5 ] رواية واحدة ( وعنه : أنه واجب على الإطلاق ) اختاره أبو بكر ، وأبو حفص لظاهر النصوص ، ومرادهم إذا كان ذا شهوة .

                                                                                                                          الثالث : من له شهوة ، ولم تتق نفسه إليه ، فيستحب له التزويج ، وهو أفضل من نوافل الطاعات ، قال أحمد : من دعاك إلى غير التزويج ، فقد دعاك إلى غير الإسلام ، وليست العزبة من أمر الإسلام في شيء .

                                                                                                                          الرابع : من لا شهوة له ، وهو من لم تتق نفسه إليه ، خلقة أو لكبر ونحوه ، فمباح له في الأشهر ; لأنه لا يحصل فيه مصلحة النكاح ، ويلزم نفسه واجبات وحقوقا لعله يعجز عنها . وعنه : يستحب ، قال السامري : اختارها القاضي ; لدخوله في عموم الأخبار ، وقيل : يكره ، وحكي عنه : يلزم ، وهو وجه في " الترغيب " و " المنصوص " ، حتى لفقير ، وجزم في " النظم " : لا يتزوج فقير إلا لضرورة ، وكذا قيدها ابن رزين بالموسر ، ونقل صالح : يقترض ويتزوج . قال الشيخ تقي الدين : فيه نزاع في مذهب أحمد وغيره ، وذكر أبو الفتح بن المني : أن النكاح فرض كفاية ، والاشتغال به أولى كالجهاد ، وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان ، تركناه للحرج والمشقة ، ومع أنه ليس بعبادة ; لأنه يتلقى من الشارع ، وإنما صح من الكافر لما فيه من عمارة الدنيا ، كعمارة المساجد ، وفي " الواضح " : إذا قلنا بوجوبه ، هل يجب الوطء ؛ فيه وجهان ، والأشهر لا يكتفى بمرة ، وفي المذهب وغيره : بلى لرجل وامرأة ، نقل ابن الحكم : المتبتل الذي لم يتزوج قط ، قال أبو الحسين : وفي الاكتفاء بتسر وجهان ، أصحهما : أنه يجزئ عنه ، ولا يلزم نكاح أمة ، وقال القاضي ، وجمع : يباح ، والصبر عنه أولى . وأوجبه أبو يعلى الصغير ، والمخالف استحبه ; فلهذا جوابه عن الآية : ما لم يقل به صار كالمسكوت عنه .

                                                                                                                          [ ص: 6 ] فرع : له النكاح بدار حرب ضرورة ، وبدونها وجهان ، وكرهه أحمد ، وقال : لا يتزوج ولا يتسرى ، إلا أن يخاف على نفسه ، وقال : لا يطلب الولد ، ويجب عزله إن حرم نكاحه بلا ضرورة ، وإلا استحب ذكره في " الفصول " .




                                                                                                                          الخدمات العلمية