الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل

                                                                                                                                                                                                                                        ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) من الجاهلين وقد قرئ به ، والمعنى من الفاعلين فعل أولي الجهل والسفه ، أو من الخاطئين لأنه لم يتعمد قتله ، أو من الذاهلين عما يؤول إليه الوكز لأنه أراد به التأديب ، أو الناسين من قوله تعالى : ( أن تضل إحداهما ) .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما ) حكمة . ( وجعلني من المرسلين ) رد أولا بذلك ما وبخه به قدحا في نبوته ثم كر على ما عد عليه من النعمة ولم يصرح برده لأنه كان صدقا غير قادح في دعواه ، بل نبه على أنه كان في الحقيقة نقمة لكونه مسببا عنها فقال :

                                                                                                                                                                                                                                        ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) أي وتلك التربية نعمة تمنها علي ظاهرا ، وهي في الحقيقة تعبيدك بني إسرائيل وقصدهم بذبح أبنائهم ، فإنه السبب في وقوعي إليك وحصولي في تربيتك . وقيل إنه مقدر بهمزة الإنكار أي أوتلك نعمة تمنها علي وهي ( أن عبدت ) ، ومحل ( أن عبدت ) الرفع على أنه خبر محذوف أو بدل ( نعمة ) أو الجر بإضمار الباء أو النصب بحذفها . وقيل تلك إشارة إلى خصلة شنعاء [ ص: 136 ]

                                                                                                                                                                                                                                        مبهمة و ( أن عبدت ) عطف بيانها والمعنى : تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها علي ، وإنما وحد الخطاب في تمنها وجمع فيما قبله لأن المنة كانت منه وحده ، والخوف والفرار منه ومن ملئه .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية