الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ؛ قيل: هذا في النفخة الأولى؛ ويجوز أن يكون بعد النفخة الثانية؛ و " الصور " ؛ جاء في التفسير أنه قرن ينفخ فيه؛ فيبعث الناس في النفخة الثانية؛ قال - عز وجل -: ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ؛ وقال أهل اللغة - كثير منهم -: " الصور " : جمع " صورة " ؛ والذي جاء في اللغة جمع " صورة " : " صور " ؛ وكذلك جاء في القرآن: وصوركم فأحسن صوركم ؛ ولم يقرأ أحد: " فأحسن صوركم " ؛ ولو كان أيضا جمع " صورة " ؛ لقال أيضا: " ثم نفخ فيها أخرى " ؛ لأنك تقول: " هذه صور " ؛ ولا تقول: " هذا صور " ؛ إلا على ضعف؛ فهو على ما جاء في التفسير؛ فأما قوله: ولا يتساءلون ؛ وقال في موضع آخر: وقفوهم إنهم مسؤولون ؛ وقال في موضع آخر: وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ؛ فيقول القائل: كيف جاء " ولا يتساءلون " ؛ وجاء " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " ؟ فإن يوم القيامة مقداره خمسون [ ص: 23 ] ألف سنة؛ ففيه أزمنة؛ وأحوال؛ وإنما قيل: " يومئذ " ؛ كما تقول: " نحن اليوم نفعل كذا وكذا " ؛ وليس تريد به " في يومك " ؛ إنما تريد: " نحن في هذا الزمان " ؛ " فيوم " ؛ تقع للقطعة من الزمان؛ وأما فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ؛ فلا يسأل عن ذنبه ليستفهم؛ قد علم الله - عز وجل - ما سلف منهم؛ وأما قوله: وقفوهم إنهم مسؤولون ؛ فيسألون سؤال توبيخ؛ لا سؤال استفهام؛ كما قال: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ؛ وإنما تسأل لتوبيخ من قتلها؛ وكذلك قوله: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؛ فما يسأل عنه يوم القيامة تقرير وتوبيخ؛ والله - عز وجل - قد علم ما كان؛ وأحصى كبير ذلك وصغيره.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية