الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في وقت الحائض تطهر والمغمى عليه يفيق ومن يحتلم أو يسلم

                                                                                                                                                                                        قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" .

                                                                                                                                                                                        قال مالك: هذا لأهل الأعذار; للحائض تطهر، وللصبي يحتلم، وللمغمى عليه يفيق، وللمجنون يفيق ، والنصراني يسلم .

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في موضعين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: هل يقدر الوقت بعد الطهر أو قبله؟

                                                                                                                                                                                        والثاني: هل المراد أن يدرك ركعة بسجدتيها أو الركوع دون السجود؟

                                                                                                                                                                                        فقيل في الحائض: تطهر الوقت المراعى فيه بعد غسلها .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في المجنون يفيق والنصراني يسلم مثل ذلك. وقال مطرف وابن الماجشون : الوقت فيهما قبل الطهارة . [ ص: 358 ]

                                                                                                                                                                                        وقيل في الصبي: المراعى فيه بعد الطهر كالحائض .

                                                                                                                                                                                        وقول سحنون في ذلك حسن، ولا فرق بين الحائض وغيرها، وإنما يتوجه الخطاب أولا بالطهارة، فإن بقي وقت الصلاة صليت ، وإلا فلا شيء عليهم.

                                                                                                                                                                                        ويلزم على القول: إن المراعى الوقت دون الطهارة إذا كان الباقي إلى الغروب مقدار ركعة - أن يتيمم ويصليها في الوقت، قياسا على الحضري يخاف خروج الوقت متى استعمل الماء للوضوء أو كان الباقي مقدار خمس ركعات، فمتى اشتغل المحتلم بالغسل خرج الوقت: أن يتيمم ويصلي الظهر والعصر.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد في الحائض تغتسل ثم يتبين أن الماء الذي اغتسلت به نجس، فإن اغتسلت ثانية ذهب الوقت، قال: القياس أن لا شيء عليها ولو أعادت كان أحوط . قيل: فلو كان الماء طاهرا ثم أحدثت بريح يخرج منها فلما توضأت ذهب الوقت؟ قال: هي مثل الأولى، لا شيء عليها.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: وكان قد فرق بينهما وجعل على التي أحدثت الوضوء.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب : إذا اغتسلت ثم علمت بنجاسة الماء -يريد ولم يتغير أحد أوصافه- فإن أعادت الغسل غربت الشمس، فلتصل بذلك الماء في الوقت أحب إلي من صلاتها بماء طاهر بعد الوقت. [ ص: 359 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية