الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم . وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون . واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم في سبب نزولها أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 190 ] أحدها: أن ناسا من المشركين كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت هذه الآية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة والوليد ونفر من المسلمين كانوا قد أسلموا، ثم عذبوا فافتتنوا، فكان أصحاب رسول الله يقولون: لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا، قوم تركوا دينهم بعذاب عذبوه، فنزلت هذه الآية، فكتبها عمر إلى عياش والوليد وأولئك النفر، فأسلموا وهاجروا; وهذا قول ابن عمر .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنها نزلت في وحشي; وهذا القول ذكرناه مشروحا في آخر [الفرقان: 68] عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان [ ص: 191 ] وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد فعلنا ذلك؟! فنزلت هذه الآية; وهذا مروي عن ابن عباس أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى "أسرفوا على أنفسهم" ارتكبوا الكبائر . والقنوط بمعنى اليأس . وأنيبوا بمعنى ارجعوا إلى الله من الشرك والذنوب، وأسلموا له أي: أخلصوا له التوحيد . و "تنصرون" بمعنى تمنعون .

                                                                                                                                                                                                                                      واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم قد بيناه في قوله: يأخذوا بأحسنها [الأعراف: 145] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية