الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفضل البكور عظيم .

وينبغي أن يكون في سعيه إلى الجمعة خاشعا متواضعا ناويا للاعتكاف في المسجد إلى وقت الصلاة قاصدا للمبادرة إلى جواب نداء الله عز وجل إلى الجمعة إياه ، والمسارعة إلى مغفرته ورضوانه وقد قال صلى الله عليه وسلم : من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية ، فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة ، فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة ، فكأنما أهدى دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة ، فكأنما أهدى بيضة فإذا خرج الإمام طويت الصحف ، ورفعت الأقلام ، واجتمعت الملائكة عند المنبر يستمعون الذكر فمن جاء بعد ذلك فإنما ، جاء لحق الصلاة ، ليس له من الفضل شيء والساعة الأولى طلوع الشمس والثانية إلى ، ارتفاعها والثالثة إلى انبساطها حين ترمض الأقدام والرابعة ، والخامسة بعد الضحى الأعلى إلى الزوال وفضلهما ، قليل ، ووقت الزوال حق الصلاة ولا فضل فيه .

وقال صلى الله عليه وسلم : ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن لركضوا ركض الإبل في طلبهن الأذان ، والصف الأول ، والغدو إلى الجمعة وقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه أفضلهن الغدو إلى الجمعة .

التالي السابق


(و) بالجملة، فإن (فضل البكور عظيم) دلت عليه الأخبار الصحيحة، مر بعضها، ويأتي بعضها (وينبغي أن يكون في سعيه) أي: مشيه على الأقدام كما هو المسنون في كل عبادة؛ كالعيد، والجنازة، وعيادة المريض، إلا أن تكون العيادة بسفر طويل كالحج، فالمختار أن الركوب فيه أفضل، وكذا إذا خاف من ازدحام، وبعد المسافة إلى الجمعة بحيث لو مشى على قدميه فات الوقت، أو لم يكن مطيقا على المشي الكثير (خاشعا متواضعا) ذا سكينة، ووقار، وإخبات، وافتقار، إلا إن ضاق الوقت فيسرع في المشي مكثرا من الدعاء، والابتهال، والاستغفار (ناويا) في خروجه زيارة مولاه في بيته، والتقرب إليه

[ ص: 256 ] بأداء فريضته، قاصدا (للاعتكاف في المسجد إلى) الفراغ من (الصلاة) ، وانقلابه منها، ناويا كف الجوارح عن اللهو واللغو، والشغل بخدمة مولاه - جل وعز - (قاصدا للمبادرة إلى جواب نداء الله إياه إلى الجمعة، والمسارعة إلى مغفرته ورضوانه) لترك راحته في ذلك اليوم، ومهناه من عاجل حظ دنياه، وليكن ذلك في الساعة الأولى، فإن لم يفعل ففي الساعة الثانية، فإن لم يفعل، ففي الساعة الثالثة (وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى) أي: ذهب (فكأنما قرب بدنة) من الإبل ذكرا كان أم أنثى، والهاء للوحدة لا للتأنيث، أي: تصدق بها تقربا إلى الله تعالى (ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة) ذكرا أو أنثى، والتاء للوحدة (ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشا أقرن) ، وصفه به؛ لأنه أكمل، وأحسن صورة، ولأن قرنه ينتفع به (ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة) بتثليث الدال، والفتح هو الفصيح (ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما أهدى بيضة) ، والمراد بالإهداء هنا التصدق، كما دل عليه لفظ قرب، وإلا فالهدي لا يكون بها (فإذا خرج الإمام طويت الصحف، ورفعت الأقلام، واجتمعت الملائكة) الذين وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة (عند المنبر يستمعون الذكر) ؛ أي: الخطبة، والمراد بطي الصحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى أربعة دون غيرها من سماع الخطبة، وإدراك الصلاة، والذكر، والدعاء، ونحو ذلك، فإنه يكتبه الحافظان قطعا (فمن جاء بعد ذلك، فإنما جاء لحق الصلاة، ليس له من الفضل شيء) .

وفي القوت: ليس من الفضل في شيء، أي: لا فضيلة لمن أتى بعد الزوال؛ لأن التخلف بعد النداء حرام، ولأن ذكر الساعات إنما هو للحث على التبكير إليها، والترغيب في فضيلة السبق، وتحصيل الصف الأول في انتظارها، والاشتغال بالتنفل والذكر، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال، ثم إن هذا الحديث هكذا ساقه صاحب القوت بطوله في أول الباب، وقد أخرجه البخاري، ومسلم من حديث أبي هريرة، وليس فيه: ورفعت الأقلام، وهذه اللفظة عند البيهقي من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده .

قلت: قال البخاري في الصحيح: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح، فكأنما قرب بدنة ... وساق الحديث إلى أن قال: فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر. وهكذا هو عند مسلم والترمذي والنسائي من طريق مالك، ورواه النسائي أيضا من طريق محمد بن عجلان، عن سمي نحوه، وفيه: كرجل قدم دجاجة، وكرجل قدم عصفورا. وقول البخاري: "غسل الجنابة" هو بالنصب صفة لمصدر محذوف؛ أي: غسلا كغسل الجنابة، وعند عبد الرزاق من رواية ابن جريج، عن سمي: فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة. فالتشبيه للكيفية، لا للحكم، أو أشار به إلى الجماع يوم الجمعة ليكون أغض لبصره، وأمكن لنفسه في الرواح إلى الجمعة، ولا تمتد عينه إلى شيء يراه، وأخرجه مالك في الموطأ بلفظ: ثم راح في الساعة الأولى. كما عند المصنف، وفي رواية ابن جريج عند عبد الرزاق: فله من الأجر مثل الجزور. وقال البخاري أيضا: حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن الأغر، عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشا، ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم يستمعون الذكر.

وأخرج مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: على كل باب من أبواب المسجد ملك يكتب الأول فالأول، مثل الجزور، ثم نزلهم حتى صغر إلى مثل البيضة، فإذا جلس الإمام طويت الصحف، وحضروا الذكر.

وأخرج أحمد من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم-: إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طويت الصحف. وعنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة، والذي يليه كالمهدي بقرة، فالذي يليه كالمهدي كبشا .. حتى ذكر الدجاجة، والبيضة. وهما حديثان منفصلان، هكذا رواهما أحمد [ ص: 257 ] بإسناد واحد، وجمع بينهما مسلم، والنسائي، وابن ماجه، فجعلوها حديثا واحدا رواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، وعمرو الناقد، ورواه النسائي، عن محمد بن منصور، ورواه ابن ماجه، عن هشام بن عمار، وسهل بن أبي سهل؛ خمستهم عن سفيان بن عيينة، زاد ابن ماجه، عن أحد شيخيه سهل: فمن جاء بعد ذلك، فإنما يجيء لحق الصلاة. وأخرجه الشيخان والنسائي من طريق الزهري، عن الأغر، عن أبي هريرة تمامه كما ذكر، وفي رواية النسائي: كالمهدي بطة، ثم كالمهدي دجاجة، ثم كالمهدي بيضة.

وأخرج البخاري القطعة الأولى بسنده من طريق الزهري، عن أبي سلمة، والأغر، عن أبي هريرة، وقد علم من هذا التفصيل أن الذي أورده المصنف ملفق من الأحاديث، ثم اختلفوا في تحديد تلك الساعات، وإليه أشار المصنف بقوله: (والساعة الأولى) تكون بعد صلاة الصبح (إلى طلوع الشمس، و) الساعة (الثانية) تكون (عند ارتفاعها) ، وارتفاع النهار (و) الساعة (الثالثة) تكون (عند انبساطها) على الأرض، وهو الضحى الأعلى (حين ترمض الأقدام) بحر الشمس (و) الساعة (الرابعة، والخامسة) تكون (بعد الضحى الأعلى إلى الزوال، وفضلهما قليل، ووقت الزوال حق الصلاة ولا فضل فيه) ، ولفظ القوت: والساعة الرابعة تكون قبل الزوال، والساعة الخامسة إذا زالت الشمس، أو مع استوائها، وليست الساعة الرابعة والخامسة مستحبين للبكور، ولا فضل لمن صلى الجماعة بعد الساعة الخامسة؛ لأن الإمام يخرج في آخرها، فلا يبقى إلا فريضة الجمعة. اهـ .

(وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاث) ؛ أي: ثلاث خصال (لو يعلم الناس ما فيهن) ، أي: من الفضل والثواب (لركضوا الإبل) ، أي: بالركوب عليها (في طلبهن) ، أي: تحصيلهن (الأذان، والصف الأول، والغدو إلى الجمعة) ، أي: البكور إليها .

قال العراقي: أخرجه أبو الشيخ في ثواب الأعمال من حديث أبي هريرة: ثلاثة لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذت إلا بالاستهام عليها للخير والبر ... الحديث، وقال: والتهجير إلى الجمعة. وفي الصحيحين من حديثه: لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه. اهـ .

قلت: وفي تاريخ ابن النجار من حديثه بلفظ: ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذت إلا بسهمة حرصا على ما فيهن من الخير والبركة: التأذين بالصلاة، والتهجير بالجماعات، والصلاة في أول الصفوف.

(وقال أحمد بن حنبل) -رحمه الله تعالى- في شرح هذا الحديث بعد أن رواه: (أفضلهن) ، أي: أفضل تلك الخصال (الغدو إلى الجمعة) ، أي: الذهاب إليها بكرة النهار .

وأما حديث أبي هريرة في الصحيحين قد أخرجه أيضا مالك في الموطأ، وأحمد، والنسائي كروايتيهما، وفيه زيادة: ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.



(فوائد مهمة)

الأولى: قوله في الحديث: الأول فالأول، تعلق به المالكية، فقالوا: الفاء تقتضي الترتيب بلا مهلة، فاقتضى تعقيب الثاني بالأول، وكذا من بعده، فلو كان اعتبار هذا من أول النهار، وتقسيمه على ست ساعات في النصف الأول من النهار لم يكن الآتي في أول ساعة يعقبه الآتي في أول التي تليها، وأجيب عنه أنه لا نزاع في أنهم يكتبون من جاء أولا، ومن جاء عقبه ... وهكذا، وهو إنما أتى بالفاء في كتابة الآتين، وأما مقدار الثواب، فلم يأت فيه بالفاء، وقال القاضي عياض: وأقوى معتمد مالك في كراهية البكور إليها عمل أهل المدينة المتصل بترك ذلك، وسعيهم إليها قرب صلاتها، وهذا نقل معلوم غير منكر عندهم، ولا معمول بغيره، وما كان أهل عصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن بعدهم من ترك الأفضل إلى غيره، ويتمالؤون على العمل بأقل الدرجات، وذكر ابن عبد البر أيضا أن عمل أهل المدينة يشهد له. اهـ .

قال العراقي: وما أدري أين العمل الذي يشهد له، وعمر ينكر على عثمان -رضي الله عنهما- التخلف، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يندب إلى التبكير في أحاديث كثيرة، وقد أنكر غير واحد من الأئمة على مالك -رحمه الله تعالى- في هذه المسألة، فقال الأثرم: قيل لأحمد: كان مالك يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة، فقال: هذا خلاف حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: سبحان الله إلى أي شيء ذهب في هذا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: كالمهدي

[ ص: 258 ] جزورا؟ وأنكر على مالك أيضا ابن حبيب من أصحابه إنكارا بليغا، وقال: هذا تحريف في تأويل الحديث، ومحال من وجوه لم أذكر أنا ذلك لما فيه من التحامل على إمامه، وهو -رضي الله عنه- لم يكن غافلا في تأويله حاشاه من ذلك، ولم يثبت عنده في التبكير إلا بعد النداء، وشاهد من أهل المدينة العمل به؛ لقرب منازلهم في المسجد، فحمل الساعات على اللحظات، ولكل وجهة على أنه مجتهد لا يعارض بقول غيره، ولكل وجهة، ولكل نصيب فيما اجتهد فيه. والله أعلم .



الثانية: رتب في حديث أحمد السابقين إلى الجمعة على خمس مراتب؛ أولها البدنة، وآخرها الدجاجة، وفي حديث أبي هريرة ترتيب هذه المراتب على خمس ساعات، فقال الجمهور: المراد بهذه الساعات الأجزاء الزمانية التي يقسم النهار منها على اثني عشر جزءا، وابتداؤها من طلوع الفجر، وقال مالك ومن وافقه من أصحابه ومن غيرهم: المراد بها لحظات لطيفة بعد زوال الشمس. وهذا وإن كان خلاف ظاهر اللفظ، فقد كان شيخي الإمام المحدث أبو الحسن السندي المدني -رحمه الله تعالى- يعتمد على هذا، ويفتي به، وينقل ذلك عن شيخه الشيخ محمد حياة السندي -رحمه الله تعالى-، وأنه كان يعتمد على ذلك. والله أعلم .



الثالثة: تعلق مالك -رحمه الله تعالى- بقوله في الحديث: مثل المهجر، فقال: التهجير إنما يكون في الهاجرة، وهي شدة الحر، وذلك لا يكون في أول النهار، وأجيب عنه أن التهجير كما يستعمل بمعنى الإتيان في الهجير -كما قاله الفراء- كذلك يستعمل في معنى التبكير، فهو مشترك اللفظ بين المعنيين، واستعمال المعنى الثاني أولى لئلا تتضاد الأخبار .

الرابعة: قال مالك -رحمه الله تعالى-: رتب السابقين على خمس ساعات بقوله: راح، والرواح لا يكون إلا بعد الزوال، كما ذكره الجوهري وغيره، وأجيب عنه بأن المراد من الرواح هنا مطلق الذهاب، وهو شائع في الاستعمال أيضا، نقله الأزهري وغيره، أو نقول: إن الرائح يطلق على قاصد الرواح، كما يقال لقاصد مكة قبل أن يحج: حاج، وللمتساومين: متبايعين، ومثل هذا الاستعمال لا ينكر .



الخامسة: قال الرافعي: ليس المراد من الساعات على اختلاف الوجوه الأربع والعشرين التي قسم اليوم والليلة عليها، وإنما المراد ترتيب الدرجات، وفضل السابق على الذي يليه، واحتج القفال بوجهين؛ أحدهما: أنه لو كان المراد الساعات المذكورة لاستوى الجائيان في الفضل في ساعة واحدة مع تعاقبهما في المجيء، والثاني: أنه لو كان كذلك لاختلف الأمر باليوم الشاتي والصائف، ولفاتت الجمعة في اليوم الثاني لمن جاء في الساعة الخامسة، وتبعه على ذلك النووي في الروضة، لكن خالفه في شرح المهذب، فقال فيه: المراد بالساعات المعروفة خلافا لما قاله الرافعي، ولكن بدنة الأول أكمل من بدنة الثاني، وهذا الذي ذكره النووي جواب على احتجاج القفال الأول، والجواب على احتجاجه الثاني ما ذكره العراقي في شرح الترمذي، فقال: أهل الميقات لهم اصطلاحان في الساعات، فالساعات الزمانية كل ساعة منها خمس عشرة درجة، والساعات الآفاقية يختلف قدرها باختلاف طول الأيام وقصرها في الصيف والشتاء، فالنهار اثنتا عشرة، ومقدار الساعة يزيد وينقص، وعلى هذا الثاني تحمل الساعات المذكورة في الحديث، فلا يلزم عليه ما ذكره من اختلاف الأمر باليوم الشاتي والصائف، ومن فوات الجمعة لمن جاء في الساعة الخامسة. والله أعلم .



السادسة: قد يستدل بعموم الحديث على استحباب التبكير للخطيب أيضا، لكن دل قوله في آخره: "فإذا خرج الإمام" على أنه لا يخرج إلا بعد انقضاء وقت التبكير المستحب في غيره، وقد قال الماوردي: يختار الإمام أن يأتي الجمعة في الوقت الذي تقام فيه الصلاة، ولا يبكر اتباعا لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، واقتداء بفعل الخلفاء الراشدين. قال: ويدخل المسجد من أقرب أبوابه. اهـ .



السابعة: أطلق في رواية أحمد التهجير من غير سبق اغتسال، وفي رواية البخاري: من اغتسل غسل الجنابة، ثم راح... مقيدا بالاغتسال، فعلم من ذلك أنه لا يكون المهجر كمن أهدى بدنة، وكذا المذكورات بعده إلا بشرط تقدم الاغتسال عليه في ذلك اليوم، والقاعدة حمل المطلق على المقيد، فحينئذ في قول الزركشي نظر، وهو ولو تعارض الغسل والتبكير، فمراعاة الغسل أولى؛ لأنه مختلف في وجوبه، ولأن نفعه متعد إلى غيره، بخلاف التبكير. والله أعلم .




الخدمات العلمية