الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [41-42] ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد صرفنا في هذا القرآن أي : كررنا للناس البيان بوجوه كثيرة ، وبينا فيه من كل مثل : ليذكروا أي : ليتعظوا ويطمئنوا إلى ما يحتج به عليهم : وما يزيدهم أي : التصريف المذكور : إلا نفورا أي : عن الحق وبعدا عنه ، الذي يقربه وجوه البيان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا أي : قل لهؤلاء المشركين ) الزاعمين أن لله شركاء من خلقه ، العابدين معه غيره ، ليقربهم إليه زلفى ) : لو كان الأمر كما تقولون ، وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه ؛ لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ، ويبتغون الزلفى والطاعة لديه ، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه . ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه . فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه . بل يكرهه ويأباه . وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه . هذا ما اختاره ابن كثير ، وسبقه إليه ابن جرير .

                                                                                                                                                                                                                                      وحاصله : أن السبيل بمعنى الوسيلة الموصلة إليه . وفيه إشارة إلى قياس اقتراني تقريره هكذا : ولو كان كما زعمتم معه آلهة لتقربوا إليه . وكل من كان كذلك ليس إلها ، فهم ليسوا بآلهة . وقيل : معنى : لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا أي : لطلبوا إليه سبيلا بالمغالبة والممانعة ، كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض ، على طريقة قوله تعالى : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وهذا الوجه قدمه الزمخشري على الأول . وقال أبو السعود : إنه الأظهر الأنسب لقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3932 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية