الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن حمويه بن محمد بن حمويه أبو عبد الله الجويني ، روى الحديث وكان صدوقا مشهورا بالعلم والزهد ، وله كرامات ، دخل إلى بغداد فلما ودعهم أنشدهم :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لئن كان لي من بعد عود إليكم قضيت لبانات الفؤاد لديكم     وإن تكن الأخرى وفي الغيب عبرة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحال قضاء فالسلام عليكم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو بكر العامري المعروف بابن الخبازة ، سمع الحديث ورحل في طلبه ، وكانت له معرفة بالفقه والحديث ، وقد شرح كتاب " الشهاب " ، وكان يعظ الناس على طريق التصوف ، وكان ابن الجوزي فيمن تأدب به وقد أثنى عليه ، ومن شعره :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كيف احتيالي وهذا في الهوى حالي     والشوق أملك لي من عذل عذالي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكيف أسلو وفي حبي له شغل     يحول بين مهماتي وأشغالي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ابتنى رباطا ، فكان عنده جماعة من المتعبدين والزهاد ، ولما احتضر أوصاهم بتقوى الله ، عز وجل والإخلاص ثم شرع في النزع وعرق جبينه فمد يده ثم قال :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 312 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ها قد بسطت يدي إليك فردها     بالفضل لا بشماتة الأعداء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال أرى المشايخ بين أيديهم الأطباق ، وهم ينتظرونني ثم مات ، وذلك ليلة الأربعاء نصف رمضان ودفن برباطه ثم غرق رباطه وقبره في سنة أربع وخمسين وخمسمائة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس أبو عبد الله الصاعدي الفراوي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان أبوه من ثغر فراوة وسكن نيسابور فولد له بها محمد هذا ، وقد سمع الحديث الكثير على جماعة من المشايخ بالآفاق ، وتفقه وأفتى وناظر ووعظ ، وكان ظريفا حسن الوجه جميل المعاشرة كثير التبسم ، وأملى أكثر من ألف مجلس ورحل إليه الطلبة من الآفاق حتى كان يقال : للفراوي ألف راو . وقيل : إن ذلك كان مكتوبا في خاتمه ، وقد أسمع " صحيح مسلم " قريبا من عشرين مرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      توفي في شوال من هذه السنة عن تسعين سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية