الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما ) .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أنه تعالى : لما أورد الحجة على جميع الفرق من المنافقين والكفار واليهود والنصارى وأجاب عن جميع شبهاتهم عمم الخطاب ودعا جميع الناس إلى الاعتراف برسالة محمد - عليه الصلاة والسلام - فقال : ( ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم ) والبرهان هو محمد - عليه الصلاة والسلام - ، وإنما سماه برهانا لأن حرفته إقامة البرهان على تحقيق الحق وإبطال الباطل ، والنور المبين هو القرآن ، وسماه نورا لأنه سبب لوقوع نور الإيمان في القلب ، ولما قرر على كل العالمين كون محمد رسولا وكون القرآن كتابا حقا أمرهم بعد ذلك أن يتمسكوا بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ووعدهم عليه بالثواب فقال : ( فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به ) والمراد آمنوا بالله في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه واعتصموا به أي : بالله في أن يثبتهم على الإيمان ويصونهم عن نزغ الشيطان ويدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما ، فوعد بأمور ثلاثة : الرحمة [ ص: 95 ] والفضل والهداية . قال ابن عباس : الرحمة : الجنة ، والفضل : ما يتفضل به عليهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ( ويهديهم إليه صراطا مستقيما ) يريد دينا مستقيما .

                                                                                                                                                                                                                                            وأقول : الرحمة والفضل محمولان على ما في الجنة من المنفعة والتعظيم ، وأما الهداية فالمراد منها السعادات الحاصلة بتجلي أنوار عالم القدس والكبرياء في الأرواح البشرية وهذا هو السعادة الروحانية ، وأخر ذكرها عن القسمين الأولين تنبيها على أن البهجة الروحانية أشرف من اللذات الجسمانية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية