الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1928 - مسألة : ويجبر أيضا على نفقة حيوانه كله أو تسريحه للرعي إن كان يعيش من المرعى إن أبى بيع عليه كل ذلك .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : ما رويناه من طريق البخاري نا موسى نا أبو عوانة نا عبد الملك عن وراد - كاتب المغيرة بن شعبة - قال : كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية { أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال } وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فإضاعة المال حرام وإثم ، وعدوان ، بلا خلاف ، ومنع المرء حيوانه مما فيه معاشه ، أو إصلاحه إضاعة لماله ، فالواجب منعه من ذلك ، لقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } .

                                                                                                                                                                                          والإحسان إلى الحيوان بر وتقوى ، فمن لم يعن على إصلاحه فقد أعان على الإثم والعدوان ، وعصى الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : لا يباع عليه حيوانه ، لكن صلى الله عليه وسلم يؤمر بالإحسان إليه فقط ، ولا يجبر على ذلك .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا ضلال ظاهر - كما ذكرنا - واحتج له بعض مقلديه بضلال آخر قال : لا يجبر على حفظ ماله إذا أراد إضاعته ، كما لا يجبر على سقي نخله ؟ قال أبو محمد : وهذا عجب آخر ، بل يجبر على سقي النخل إن كان في ترك سقيه هلاك النخل ، وكذلك في الزرع .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 265 ] قال أبو محمد : فمنع الحيوان ما لا معاش له إلا به من علف أو رعي ، وترك سقي شجر الثمر والزرع حتى يهلكا - بنص الله تعالى - فساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل ، والله تعالى لا يحب هذا العمل ، فمن أضل ممن ينصر هذه الأقوال الفاسدة العائدة بالفساد الذي لا يحبه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فأنتم لا تجبرون أحدا على زرع أرضه إذا لم يرد ذلك ؟ قلنا : إنما نتركه ، وذلك إذا كان له معاش غيره يغني عن زرعها - وهذا بلا شك صلاح للأرض وإحمام لها .

                                                                                                                                                                                          وأما إذا لم يكن له غنى عن زرعها ، فإنما يجبره على زرعها إن قدر على ذلك ، أو على إعطائها بجزء مما يخرج منها ، ولا نتركه يبقى عالة على المسلمين بإضاعته لماله ، ومعصيته لله عز وجل بذلك - وبالله تعالى نستعين .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية