الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2442 ) مسألة : قال : ( ويمضي في الحج الفاسد ، ويحج من قابل ) وجملة ذلك أن الحج لا يفسد إلا بالجماع ، فإذا فسد فعليه إتمامه ، وليس له الخروج منه . روي ذلك عن عمر ، وعلي ، وأبي هريرة ، وابن عباس رضي الله عنهم وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي .

                                                                                                                                            وقال الحسن ، ومالك : يجعل الحجة عمرة ، ولا يقيم على حجة فاسدة . وقال داود : يخرج بالإفساد من الحج والعمرة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .

                                                                                                                                            ولنا ، عموم قوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } . ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولم نعرف لهم مخالفا ، ولأنه معنى يجب به القضاء ، فلم يخرج به منه ، كالفوات ، والخبر لا يلزمنا ; لأن المضي فيه بأمر الله ، وإنما وجب القضاء ; لأنه لم يأت به على الوجه الذي يلزمه بالإحرام . ونخص مالكا بأنها حجة لا يمكنه الخروج منها بالإخراج ، فلا يخرج منها إلى عمرة كالصحيحة .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا فإنه لا يحل من الفاسد ، بل يجب عليه أن يفعل بعد الإفساد كل ما يفعله قبله ، ولا يسقط عنه توابع الوقوف ، من المبيت بمزدلفة ، والرمي ، ويجتنب بعد الفساد كل ما يجتنبه قبله ، من الوطء ثانيا ، وقتل الصيد ، والطيب ، واللباس ، ونحوه ، وعليه الفدية في الجناية على الإحرام الفاسد ، كالفدية في الجناية على الإحرام الصحيح . فأما الحج من قابل ، فيلزمه بكل حال ، لكن إن كانت الحجة التي أفسدها واجبة بأصل الشرع ، أو بالنذر ، أو قضاء ، كانت الحجة من قابل مجزئة ; لأن الفاسد إذا [ ص: 179 ] انضم إليه القضاء ، أجزأه عما يجزئ عنه الأول ، لو لم يفسده ، وإن كانت الفاسدة تطوعا ، وجب قضاؤها ; لأنه بالدخول في الإحرام صار الحج عليه واجبا ، فإذا أفسده ، وجب قضاؤه ، كالمنذور ، ويكون القضاء على الفور .

                                                                                                                                            ولا نعلم فيه مخالفا ; لأن الحج الأصلي واجب على الفور ، فهذا أولى ; لأنه قد تعين بالدخول فيه ، والواجب بأصل الشرع لم يتعين بذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية