الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قوله تعالى : { لأزواجك } اختلف العلماء في المراد بالأزواج المذكورات ; فقال الحسن وقتادة : كان تحته يومئذ تسع نسوة سوى الخيبرية ; خمس من قريش : عائشة ، وحفصة ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة ، وسودة بنت زمعة بن قيس . وكانت تحته صفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية .

                                                                                                                                                                                                              قال ابن شهاب : وامرأة واحدة اختارت نفسها ، فذهبت ، وكانت بدوية .

                                                                                                                                                                                                              قال ربيعة : فكانت ألبتة ، واسمها عمرة بنت يزيد الكلابية ; اختارت الفراق ، فذهبت ، فابتلاها الله بالجنون .

                                                                                                                                                                                                              ويقال : إن أباها تركها ترعى غنما له ، فصارت في طلب إحداهن ، فلم يعلم ما كان من أمرها إلى اليوم . وقيل : إنها كندية . وقيل : لم يخيرها ، وإنما استعاذت منه فردها ، وقال : لقد استعذت بمعاذ . [ ص: 557 ] هذا منتهى قولهم ، ونحن نبينه بيانا شافيا ، وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة :

                                                                                                                                                                                                              فنقول : كان للنبي صلى الله عليه وسلم أزواج كثيرة بيناها في شرح الصحيحين ، والحاضر الآن أنه كان له سبع عشرة زوجة ، عقد على خمس ، وبنى باثنتي عشرة ، ومات عن تسع ، وذلك مذكور في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم . المخير منهن أربع :

                                                                                                                                                                                                              الأولى : سودة بنت زمعة ، تجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في لؤي .

                                                                                                                                                                                                              الثانية : عائشة بنت أبي بكر ، تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأب الثامن .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : حفصة بنت عمر بن الخطاب ، تجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأب التاسع .

                                                                                                                                                                                                              الرابعة : أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، تجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأب السابع .

                                                                                                                                                                                                              وذكر جماعة [ من المفسرين ] أن المخيرات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تسع ، وذكر النقاش أن أم حبيبة وزينب ممن سأل النبي صلى الله عليه وسلم النفقة ، ونزل لأجلهن آية التخيير .

                                                                                                                                                                                                              وهذا كله خطأ عظيم ; فإن في الصحيح كما قدمنا أن عمر قال في الحديث المتقدم : فدخلت على عائشة قبل أن ينزل الحجاب ; وإنما نزل الحجاب في وليمة زينب ، وكذلك إنما زوج أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي باليمن ، وهو أصدق عنه ، فأرسل بها إليه من اليمن ، وذلك سنة ست .

                                                                                                                                                                                                              وأما الكلابية المذكورة فلم يبن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقال : إن أباها زوجها منه ، وقال له : إنها لم تمرض قط ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما لهذه قدر عند الله ، فطلقها ولم يبن بها ، وقول ابن شهاب : إنها كانت بدوية ، فاختارت نفسها لم يصح . وقول ربيعة : إنها كانت ألبتة لم يثبت وإنما بناه من بناه على أن مذهب ربيعة في التخيير بتات ، ويأتي بيانه إن شاء الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية