الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة عشرة : قوله تعالى : { أجرا عظيما } المعنى أعطاهن الله بذلك ثوابا متكاثر الكيفية والكمية في الدنيا والآخرة ، وذلك بين في قوله : { نؤتها أجرها مرتين } ، وزيادة رزق كريم معد لهن .

                                                                                                                                                                                                              أما ثوابهن في الآخرة فكونهن مع النبي صلى الله عليه وسلم في درجته في الجنة ، ولا غاية بعدها ، ولا مزية فوقها ، وفي ذلك من زيادة النعيم والثواب على غيرهن ; فإن الثواب والنعيم على قدر المنزلة . [ ص: 566 ]

                                                                                                                                                                                                              وأما في الدنيا فبثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                              أحدها : أنه جعلهن أمهات المؤمنين ، تعظيما لحقهن ، وتأكيدا لحرمتهن ، وتشريفا لمنزلتهن .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنه حظر عليه طلاقهن ، ومنعه من الاستبدال بهن ، فقال : { لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } .

                                                                                                                                                                                                              والحكمة أنهن لما لم يخترن عليه غيره أمر بمكافأتهن في التمسك بنكاحهن .

                                                                                                                                                                                                              فأما منع الاستبدال بهن فاختلف العلماء ; هل بقي ذلك مستداما أم رفعه الله عنه ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                              وهذا يدل على أن الله يثيب العبد في الدنيا بوجوه من رحمته وخيراته ، ولا ينقص ذلك من ثوابه في الآخرة . وقد يثيبه في الدنيا ، وينقصه بذلك في الآخرة ، على ما تقدم بيانه في موضعه .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أن من قذفهن حد حدين ، كما قال مسروق .

                                                                                                                                                                                                              والصحيح أنه حد واحد كما تقدم بيانه في سورة النور ، من أن عموم قوله : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } .

                                                                                                                                                                                                              يتناول كل محصنة ، ولا يقتضي شرفهن زيادة في الحد لهن ; لأن شرف المنزلة لا يؤثر في الحدود بزيادة ، ولا نقصها يؤثر في الحد بنقص ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية