الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب العضل 2671 - ( [ ص: 149 ] عن معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب إلي ، فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه ، ثم طلقها طلاقا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها ; فلما خطبت إلي أتاني يخطبها ، فقلت : لا والله لا أنكحكها أبدا ، قال : ففي نزلت هذه الآية : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن } الآية قال : فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه رواه البخاري وأبو داود والترمذي وصححه ، ولم يذكر التكفير وفيه في رواية للبخاري : وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه وهو حجة في اعتبار الولي )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( كانت لي أخت اسمها جميل - بالضم مصغرا - بنت يسار ) ، ذكره الطبري وجزم به ابن ماكولا وقيل : اسمها ليلى ، حكاه السهيلي في مبهمات القرآن وتبعه المنذري وقيل : فاطمة ، ذكره ابن إسحاق ، ويحمل على التعدد بأن يكون لها اسمان ولقب أو لقبان واسم . قوله : ( ففي نزلت هذه الآية ) هذا تصريح بنزول هذه الآية في هذه القصة ، ولا يمنع ذلك كون ظاهر الخطاب في السياق للأزواج حيث وقع فيها : { وإذا طلقتم النساء } لكن قوله فيها نفسها : { أن ينكحن أزواجهن } ظاهر في أن ذلك يتعلق بالأولياء قوله : ( فكفرت عن يميني وأنكحتها ) في لفظ للبخاري فقلت : " الآن أفعل يا رسول الله "

                                                                                                                                            قوله : ( وكان رجلا لا بأس به ) قال ابن التين : أي كان جيدا ، وقد غيرته العامة فكنوا به عمن لا خير فيه . والحديث يدل على أنه يشترط الولي في النكاح ، ولو لم يكن شرطا لكان رغوب الرجل في زوجته ورغوبها فيه كافيا ، وبه يرد القياس الذي احتج به أبو حنيفة على عدم الاشتراط ، فإنه احتج بالقياس على البيع لأن المرأة تستقل به بغير إذن وليها فكذلك النكاح ، وحمل الأحاديث الواردة في اشتراط الولي المتقدمة على الصغيرة ، وخص بهذا القياس عمومها ولكنه قياس فاسد الاعتبار لحديث معقل هذا ، وانفصل بعضهم عن هذا الإيراد بالتزامهم اشتراط الولي ولكن لا يمنع ذلك تزويجها نفسها ، ويتوقف النفوذ على إجازة الولي كما في البيع وهو مذهب الأوزاعي ، وكذلك قال أبو ثور ، ولكنه يشترط إذن الولي لها في تزويج نفسها وتعقب بأن إذن الولي لا يصح إلا لمن ينوب عنه ، والمرأة لا تنوب عنه في ذلك لأن الحق لها ; ولو أذن لها في إنكاح نفسها صارت كمن أذن لها في البيع من نفسها ولا يصح وفي حديث معقل هذا دليل على أن السلطان لا يزوج المرأة إلا بعد أن يأمر وليها بالرجوع عن العضل فإن أجاب فذاك ، وإن أصر زوجها




                                                                                                                                            الخدمات العلمية