الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 208 ] واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى .

هذه معجزة أخرى علمه الله إياها حتى إذا تحدى فرعون وقومه عمل مثل ذلك أمام السحرة . فهذا تمرين على معجزة ثانية متحد الغرض مع إلقاء العصا .

والجناح : العضد وما تحته إلى الإبط ، أطلق عليه ذلك تشبيها بجناح الطائر .

والضم : الإلصاق ، أي ألصق يدك اليمنى التي كنت ممسكا بها العصا . وكيفية إلصاقها بجناحه أن تباشر جلد جناحه بأن يدخلها في جيب قميصه حتى تماس بشرة جنبه ، كما في آية سورة سليمان ( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) .

جعل الله تغير لون جلد يده عند مماستها جناحه تشريفا لأكثر ما يناسب من أجزاء جسمه بالفعل والانفعال .

وبيضاء حال من ضمير ( تخرج ) ، ومن غير سوء حال من ضمير بيضاء .

ومعنى ( من غير سوء ) من غير مرض مثل البرص والبهق بأن تصير بيضاء ثم تعود إلى لونها المماثل لون بقية بشرته . وانتصب ( آية ) على الحال من ضمير ( تخرج ) .

والتعليل في قوله ( لنريك من آياتنا الكبرى ) راجع إلى قوله ( تخرج بيضاء ) ، فاللام متعلقة ب ( تخرج ) لأنه في معنى نجعلها ( بيضاء ) فتخرج بيضاء أو نخرجها لك بيضاء . وهذا التعليل راجع إلى تكرير [ ص: 209 ] الآية ، أي كررنا الآيات لنريك بعض آياتنا فتعلم قدرتنا على غيرها ، ويجوز أن يتعلق لنريك بمحذوف دل عليه قوله ألقها وما تفرع عليه . وقوله ( واضمم يدك إلى جناحك ) وما بعده ، وتقدير المحذوف : فعلنا ذلك لنريك من آياتنا .

ومن آياتنا في موضع المفعول الثاني ل ( نريك ) ، فتكون من فيها اسما بمعنى بعض على رأي التفتازاني . وتقدم عند قوله تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله ) في سورة البقرة ، ويسير إليه كلام الكشاف هنا .

والكبرى صفة ل ( آياتنا ) . والكبر : مستعار لقوة الماهية . أي آياتنا القوية الدلالة على قدرتنا أو على أنا أرسلناك .

التالي السابق


الخدمات العلمية