الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الشهادة في النكاح [ ص: 150 ] عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة } رواه الترمذي وذكر أنه لم يرفعه غير عبد الأعلى ، وأنه قد وقفه مرة وأن الوقف أصح وهذا يقدح لأن عبد الأعلى ثقة فيقبل رفعه وزيادته ، وقد يرفع الراوي الحديث وقد يقفه ) .

                                                                                                                                            2673 - ( وعن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل } ذكره أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبد الله ) .

                                                                                                                                            2674 - ( وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له } رواه الدارقطني ولمالك في الموطأ عن أبي الزبير المكي أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة ، فقال : هذا نكاح السر ولا أجيزه ، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن عباس قال الترمذي : هذا حديث غير محفوظ لا نعلم أحدا رفعه إلا ما روي عن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة مرفوعا وروي عن عبد الأعلى عن سعيد هذا الحديث موقوفا ، والصحيح ما روي عن ابن عباس : { لا نكاح إلا ببينة } وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن أبي عروبة نحو هذا موقوفا : .

                                                                                                                                            وحديث عمران بن حصين أشار إليه الترمذي وأخرجه الدارقطني والبيهقي في العلل من حديث الحسن عنه ، وفي إسناده عبد الله بن محرز وهو متروك ورواه الشافعي من وجه آخر عن الحسن مرسلا وقال : هذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقولون به

                                                                                                                                            وحديث عائشة أخرجه أيضا البيهقي من طريق محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي عن عيسى بن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة كذلك ، وقد توبع الرقي عن عيسى ورواه سعيد بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ويزيد بن سنان ونوح بن دراج وعبد الله بن حكيم عن [ ص: 151 ] هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة كذلك وقد ضعف ابن معين ذلك كله وأقره البيهقي

                                                                                                                                            ، وقد تقدم في باب : لا نكاح إلا بولي ، طرف منه وفي الباب عن ابن عباس غير حديثه المذكور عند الشافعي والبيهقي من طريق ابن خيثم عن سعيد بن جبير عنه موقوفا بلفظ : { لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل } وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق أخرى عن أبي خيثم بسنده مرفوعا بلفظ : { لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد أو سلطان } قال : والمحفوظ الموقوف ، ثم رواه من طريق الثوري عن أبي خيثم به ، ومن طريق عدي بن الفضل عن أبي خيثم بسنده مرفوعا بلفظ : { لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ، فإن نكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل } وعدي بن الفضل ضعيف .

                                                                                                                                            وعن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا عند البيهقي بلفظ : { لا نكاح إلا بأربعة : خاطب وولي وشاهدين } وفي إسناده المغيرة بن موسى البصري ، قال البخاري : منكر الحديث

                                                                                                                                            وعن عائشة غير حديث الباب عند الدارقطني بلفظ : { لا بد في النكاح من أربعة : الولي والزوج والشاهدين } وفي إسناده أبو الخصيب نافع بن ميسرة ، مجهول وروى نحوه البيهقي في الخلافيات عن ابن عباس موقوفا وصححه ، وابن أبي شيبة بنحوه عنه أيضا وعن أنس أشار إليه الترمذي ، وقد استدل بأحاديث الباب من جعل الإشهاد شرطا

                                                                                                                                            وقد حكي ذلك في البحر عن علي وعمر وابن عباس والعترة والشعبي وابن المسيب والأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل قال الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم ، قالوا : " لا نكاح إلا بشهود " لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم إلا قوم من المتأخرين من أهل العلم ، وإنما اختلف أهل العلم في هذا إذا شهد واحد بعد واحد ، فقال أكثر أهل العلم من الكوفة وغيرهم : لا يجوز النكاح حتى يشهد الشاهدان معا عند عقدة النكاح وقد روى بعض أهل المدينة : إذا شهد واحد بعد واحد فإنه جائز إذا أعلنوا ذلك ، وهو قول مالك بن أنس وغيره وقال بعض أهل العلم : يجوز شهادة رجل وامرأتين في النكاح وهو قول أحمد وإسحاق ، انتهى كلام الترمذي

                                                                                                                                            وحكي في البحر عن ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن مهدي وداود أنه لا يعتبر الإشهاد وحكي أيضا عن مالك أنه يكفي الإعلان بالنكاح ، والحق ما ذهب إليه الأولون ; لأن أحاديث الباب يقوي بعضها بعضا ، والنفي في قوله : " لا نكاح " يتوجه إلى الصحة ، وذلك يستلزم أن يكون الإشهاد شرطا لأنه قد استلزم عدمه عدم الصحة وما كان كذلك فهو شرط واختلفوا في اعتبار العدالة في شهود النكاح ; فذهبت القاسمية والشافعي إلى أنها تعتبر وذهب زيد بن علي وأحمد بن عيسى وأبو عبد الله الداعي وأبو حنيفة أنها لا تعتبر ، والحق القول الأول لتقييد الشهادة المعتبرة في حديث [ ص: 152 ] عمران بن حصين وعائشة اللذين ذكرهما المصنف ، وكذلك حديث ابن عباس الذي ذكرناه بالعدالة




                                                                                                                                            الخدمات العلمية