الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [14 ] وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون

                                                                                                                                                                                                                                      "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا" أي : أظهروا لهم الإيمان ، والموالاة ، والمصافاة -نفاقا، ومصانعة، وتقية، وليشركوهم فيما أصابوا من خير ومغنم- .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 50 ] واعلم أن مساق هذه الآية بخلاف ما سيقت له أول قصة المنافقين ، فليس بتكرير ; لأن تلك في بيان مذهبهم ، والترجمة عن نفاقهم ؛ وهذه لبيان تباين أحوالهم ، وتناقض أقوالهم - في أثناء المعاملة والمخاطبة - حسب تباين المخاطبين!

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون يقال : خلوت بفلان وإليه أي : انفردت معه ؛ ويجوز أن يكون من خلا بمعنى : مضى ، ومنه : القرون الخالية . والمراد بـ "شياطينهم" : أصحابهم أولو التمرد والعناد ؛ والشيطان يكون من الإنس والجن ، كما قال تعالى : وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا وإضافتهم إليهم للمشاركة في الكفر ، واشتقاق شيطان من شطن ، إذا بعد ; لبعده من الصلاح والخير .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى "إنا معكم" أي : في الاعتقاد على مثل ما أنتم عليه، إنما نحن في إظهار الإيمان عند المؤمنين مستهزئون ساخرون بهم . والاستهزاء بالشيء السخرية منه ، يقال : هزأت واستهزأت بمعنى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية