الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ؛ " الحرج " ؛ في اللغة: الضيق؛ ومعناه في الدين: الإثم؛ وجاء في التفسير أن أهل المدينة قبل أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا لا يؤاكلون هؤلاء؛ فقيل: إنهم كانوا يفعلون ذلك خوفا من تمكن الأصحاء في الطعام؛ وقلة تمكن هؤلاء؛ فقيل [ ص: 54 ] لهم: ليس في مؤاكلتهم حرج؛ وقيل: إنهم كانوا يفعلون ذلك تقززا؛ وقيل أيضا: إنهم كانوا إذا خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفوا هؤلاء؛ فكانوا يتحوبون أن يأكلوا مما يحفظونه؛ فأعلموا أنه ليس عليهم جناح؛ وقيل أيضا: إنه كان قوم يدعونهم إلى طعامهم؛ فربما صاروا إلى منازلهم؛ فلم يجدوا فيها طعاما؛ فيمضون بهم إلى آبائهم؛ وجميع ما ذكروا جيد بالغ؛ إلا ما ذكروا من ترك المؤاكلة تقززا؛ فإني لا أدري كيف هو؛ وقوله: ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ؛ معنى " أشتاتا " : متفرقين؛ متوحدين؛ ونصب " جميعا " ؛ على الحال؛ ويروى أن حيا من العرب كان الرجل منهم لا يأكل وحده؛ وهم حي من كنانة؛ يمكث الرجل يومه؛ فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئا؛ وربما كانت معه الإبل الحفل؛ وهي التي ملء أخلافها اللبن؛ فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه؛ فأعلم الله - عز وجل - أن الرجل منهم إن أكل وحده فلا إثم عليه.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم ؛ معناه: " فليسلم بعضكم على بعض " ؛ فالسلام قد أمر الله به؛ وقيل أيضا: " إذا دخلتم بيوتا وكانت خالية فليقل الداخل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " . وقوله - عز وجل -: تحية من عند الله ؛ [ ص: 55 ] معناه: النصب على المصدر؛ لأن قوله: " فسلموا " ؛ معناه: " تحيوا؛ ويحيي بعضكم بعضا؛ تحية من عند الله " ؛ فأعلم الله - عز وجل - أن السلام مبارك طيب.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية