الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( إنها لإحدى الكبر ( 35 ) نذيرا للبشر ( 36 ) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ( 37 ) كل نفس بما كسبت رهينة ( 38 ) إلا أصحاب اليمين ( 39 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( إنها لإحدى الكبر ) يعني أن سقر لإحدى الأمور العظام ، وواحد الكبر : كبرى ، قال مقاتل والكلبي : أراد بالكبر : دركات جهنم ، وهي سبعة : جهنم ، ولظى ، والحطمة ، والسعير ، وسقر ، والجحيم ، والهاوية . ( نذيرا للبشر ) يعني النار نذيرا للبشر ، قال الحسن : والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها ، وهو نصب على القطع من قوله : " لإحدى الكبر " لأنها معرفة ، و " نذيرا " نكرة ، قال الخليل : النذير مصدر كالنكير ، ولذلك وصف به المؤنث ، وقيل : هو من صفة الله سبحانه وتعالى ، مجازه : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيرا للبشر أي إنذارا لهم . قال أبو رزين يقول أنا لكم منها نذير ، فاتقوها . وقيل : هو صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - معناه : يا أيها المدثر قم نذيرا للبشر ، [ فأنذر ] وهذا معنى قول ابن زيد . ( لمن شاء ) بدل من قوله " للبشر " ( منكم أن يتقدم ) في الخير والطاعة ( أو يتأخر ) عنها في الشر والمعصية ، والمعنى : أن الإنذار قد حصل لكل واحد ممن آمن أو كفر . ( كل نفس بما كسبت رهينة ) مرتهنة في النار بكسبها مأخوذة بعملها . ( إلا أصحاب اليمين ) فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم في النار ولكن يغفرها الله لهم . قال قتادة : علق الناس كلهم إلا أصحاب اليمين . واختلفوا فيهم : روي عن علي - رضي الله عنه - أنهم أطفال المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وروى أبو ظبيان عن ابن عباس : هم الملائكة . [ ص: 273 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل : هم أصحاب الجنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق ، حين قال الله لهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي . وعنه أيضا : هم الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم ، وعنه أيضا : هم الذين كانوا ميامين على أنفسهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : هم المسلمون المخلصون . وقال [ القاسم ] كل نفس مأخوذة بكسبها من خير أو شر إلا من اعتمد على الفضل ، وكل من اعتمد على الكسب فهو رهين به ، ومن اعتمد على الفضل فهو غير مأخوذ به .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية