الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب التكملات .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى ، ولو أوصى رجل لرجل بمائة دينار من ماله ، أو بدار موصوفة بعين ، أو بصفة ، أو بعبد كذلك ، أو متاع ، أو غيره وقال : ثم ما فضل من ثلثي فلفلان كان ذلك كما قال : يعطى الموصى له بالشيء بعينه ، أو صفته ما أوصى له به فإن فضل من الثلث شيء كان للموصى له بما فضل من الثلث ، وإن لم يفضل شيء فلا شيء له .

( قال الشافعي ) ولو كان الموصى له به عبدا ، أو شيئا يعرف بعين ، أو صفة مثل عبد ، أو دار ، أو عرض من العروض فهلك ذلك الشيء هلك من مال الموصى له وقوم من الثلث ثم أعطى الذي أوصى له بتكملة الثلث ما فضل عن قيمة الهالك كما يعطاه لو سلم الهالك فدفع إلى الموصى له به ( قال ) ولو كان الموصى به عبدا فمات الموصي ، وهو صحيح ثم اعور قوم صحيحا بحاله يوم مات الموصي وبقيمة مثله يومئذ فأخرج من الثلث ودفع إلى الموصى له به كهيئته ناقصا ، أو تاما وأعطى الموصى له بما فضل عنه ما فضل عن الثلث : وإنما القيمة في جميع ما أوصى به بعينه يوم يموت الميت ، وذلك يوم تجب الوصية .

( قال الشافعي ) وإذا قال : الرجل ثلث مالي إلى فلان يضعه حيث أراه الله فليس له أن يأخذ لنفسه شيئا كما لا يكون له لو أمره أن يبيع له شيئا أن يبيعه من نفسه ; لأن معنى يبيعه أن يكون مبايعا به ، وهو لا يكون مبايعا إلا لغيره ، وكذلك معنى يضعه يعطيه غيره ، وكذلك ليس له أن يعطيه وارثا للميت ; لأنه إنما يجوز له ما كان يجوز للميت ، فلما لم يكن للميت أن يعطيه لم يجز لمن صيره إليه أن يعطي منه من لم يكن له أن يعطيه .

( قال ) وليس له أن يضعه فيما ليس للميت فيه نظر كما ليس له [ ص: 102 ] لو وكله بشيء أن يفعل فيه ما ليس له فيه نظر ، ولا يكون له أن يحبسه عند نفسه ، ولا يودعه غيره ; لأنه لا أجر للميت في هذا ، وإنما الأجر للميت في أن يسلك في سبيل الخير التي يرجى أن تقربه إلى الله عز وجل ( قال الشافعي ) فأختار للموصى إليه أن يعطيه أهل الحاجة من قرابة الميت حتى يعطي كل رجل منهم دون غيرهم ، فإن إعطاءهموه أفضل من إعطاء غيرهم لما ينفردون به من صلة قرابتهم للميت ويشركون به أهل الحاجة في حاجاتهم .

( قال ) وقرابته ما وصفت من القرابة من قبل الأب والأم معا وليس الرضاع قرابة .

( قال ) وأحب له إن كان له رضعاء أن يعطيهم دون جيرانه ; لأن حرمة الرضاع تقابل حرمة النسب ثم أحب له أن يعطي جيرانه الأقرب منهم فالأقرب . وأقصى الجوار فيها أربعون دارا من كل ناحية ثم أحب له أن يعطيه أفقر من يجده وأشده تعففا واستتارا ، ولا يبقي منه في يده شيئا يمكنه أن يخرجه ساعة من نهار .

التالي السابق


الخدمات العلمية