الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 4218 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4219 ] كتاب البيوع الفاسدة وما يفيتها

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2 - (ت) نسخة تازة رقم (234، 243)

                                                                                                                                                                                        3 - (ق 4) نسخة القرويين رقم (368) [ ص: 4220 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4221 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه

                                                                                                                                                                                        كتاب البيوع الفاسدة وما يفيتها

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال ابن القاسم: ومن اشترى حيوانا بيعا فاسدا، فطال مكثها عنده فذلك فوت؛ لأن الحيوان لا يثبت على حاله. وأما الثياب والعروض فإن تغيرت أسواقها أو دخلها عيب فقد فاتت، وإن تغيرت أسواقها ثم عادت إلى حالها يوم اشتراها لم ترد وقد فاتت، وإن باعها بيعا صحيحا، ثم ردت بعيب، أو اشتراها ولم تتغير في نفسها ولا حال سوقها، أو رجعت إليه بهبة أو صدقة أو ميراث، ردت على البائع الأول.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: ليس له أن يردها وقد لزمته القيمة فيها.

                                                                                                                                                                                        قال في كتاب محمد: وكذلك لو دبرها أو أعتقها فرد غرماؤه التدبير والعتق، لزمته قيمتها. ولم يفسخ البيع.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه: المبيع أربعة أصناف: الديار والأرضون، والحيوان، والعروض، والمكيل والموزون.

                                                                                                                                                                                        والذي يفيت البيع الفاسد سبعة: حوالة الأسواق بزيادة أو نقص، وتغير المبيع في نفسه بزيادة أو نقص، وخروجه عن يد المشتري ببيع أو هبة أو صدقة [ ص: 4222 ] أو عتق، أو ما يؤدي إلى خروجه من اليد: كالكتابة والتدبير، وتعلق حق غير المشتري به كالإجارة والرهن والحبس، ونقله إلى بلد آخر، والوطء في الإماء، وقد يجتمع أكثر هذه في العروض والحيوان.

                                                                                                                                                                                        فأما الدور والأرضون فيفيتها الهدم والبناء والغرس، وشق العيون وحفر الآبار، وخروجها عن اليد، والتحبيس.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يفيتها حوالة الأسواق أو الطول؟ فقال مالك وابن القاسم: لا يفيتها ذلك. وقال أصبغ: إلا أن يكون الطول مثل عشرين سنة أو أكثر، فإن هذا لا بد أن يدخله التغيير في بعض الوجوه والبلى.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: حوالة الأسواق فوت، والديار والعروض في ذلك سواء، وهو أبين؛ لأن مراعاة حوالة الأسواق كانت في العروض لدفع الضرر؛ لأن في رده بعد نقص سوقه ضررا على البائع، وإن تغير بزيادة كان ضررا على المشتري؛ لأنه كان في ضمانه، وإذا كان ذلك كانت الديار وغيرها سواء.

                                                                                                                                                                                        وإن كان التغير أبين كالذي يشتري بالثمن اليسير في الشدة، ثم يتضاعف ثمنه في الزمن الآخر، أو يشتريه بما له قدر في زمن رخاء، ويريد [ ص: 4223 ] البائع أن يسترده في شدة، وقد تباينت الأسواق، فذلك أبين في أنه فوت.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا اشتريت للتجارة فهو فوت، وإن لم يتباين اختلاف الأسواق حسب ما تقدم.

                                                                                                                                                                                        ولا يفيت العروض الطول إذا لم تتغير في نفسها ولا حال سوقها.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الطول في الحيوان، فقال مالك في كتاب التدليس فيمن اشترى عبدا شراء فاسدا، فكاتبه ثم عجز بعد شهر: أنه طول وقد فات.

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب السلم الثالث في الشهرين والثلاثة: ليس بفوت في العبيد والدواب، إلا أن يعلم أنه تغير.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن، إلا أن يكون المبيع صغيرا، فإن المدة اليسيرة يتغير فيها وينتقل.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية