الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما يجوز للمسلمين أكله قبل الخمس

                                                                                                          قال مالك لا أرى بأسا أن يأكل المسلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ما وجدوا من ذلك كله قبل أن تقع المقاسم قال مالك وأنا أرى الإبل والبقر والغنم بمنزلة الطعام يأكل منه المسلمون إذا دخلوا أرض العدو كما يأكلون من الطعام ولو أن ذلك لا يؤكل حتى يحضر الناس المقاسم ويقسم بينهم أضر ذلك بالجيوش فلا أرى بأسا بما أكل من ذلك كله على وجه المعروف ولا أرى أن يدخر أحد من ذلك شيئا يرجع به إلى أهله وسئل مالك عن الرجل يصيب الطعام في أرض العدو فيأكل منه ويتزود فيفضل منه شيء أيصلح له أن يحبسه فيأكله في أهله أو يبيعه قبل أن يقدم بلاده فينتفع بثمنه قال مالك إن باعه وهو في الغزو فإني أرى أن يجعل ثمنه في غنائم المسلمين وإن بلغ به بلده فلا أرى بأسا أن يأكله وينتفع به إذا كان يسيرا تافها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          8 - باب ما يجوز للمسلمين أكله قبل الخمس

                                                                                                          قال مالك : ( لا أرى بذلك بأسا أن يأكل المسلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ما وجدوا من ذلك كله قبل أن تقع المقاسم ) لما في الصحيح عن ابن عمر : " كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب .

                                                                                                          زاد أبو نعيم : والفواكه .

                                                                                                          والإسماعيلي : والسمن فنأكله ولا نرفعه " وإلى هذا ذهب الجمهور ، وإلى أنه يجوز أكل القوت وما يصلح به وكل طعام يعتاد أكله عموما .

                                                                                                          والمعنى فيه أن الطعام يعز في دار الحرب فأبيح للضرورة وإن لم تكن الضرورة ناجزة .

                                                                                                          وفي الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن مغفل قال : " كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت لأخذه فالتفت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستحييت منه .

                                                                                                          زاد مسلم : فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبسما .

                                                                                                          زاد الطيالسي : فقال هو لك " وروى ابن وهب : " أن [ ص: 27 ] صاحب المغانم كعب بن عمرو أخذ منه الجراب فقال - صلى الله عليه وسلم - : خل بينه وبين جرابه " وكأنه عرف شدة حاجته إليه فسوغ له الاستئثار به .

                                                                                                          ( قال مالك : وأنا أرى الإبل والبقر والغنم بمنزلة الطعام يأكل منه المسلمون إذا دخلوا أرض العدو كما يأكلون من الطعام ) بجامع أن كلا مأكول فيجوز ذبحه للأكل بشرط الحاجة كما يأتي .

                                                                                                          ( ولو أن ذلك لا يؤكل حتى يحضر الناس المقاسم ويقسم بينهم أضر ذلك بالجيوش ) وفي الحديث : " لا ضرر ولا ضرار " ( فلا أرى بأسا بما أكل من ذلك كله على وجه المعروف ) دون سرف ( والحاجة إليه ) فلا يجوز بلا حاجة ( ولا أرى أن يدخر أحد من ذلك شيئا يرجع به إلى أهله ) لأن المباح لضرورة لا يتعداها .

                                                                                                          وقال الزهري : لا يأخذ شيئا من الطعام ولا غيره إلا بإذن الإمام .

                                                                                                          وقال سليمان بن موسى : يأخذ ما لم ينه الإمام .

                                                                                                          وقال ابن المنذر : وردت الأحاديث الصحيحة بالتشديد في الغلول ، واتفق علماء الأمصار على جواز أكل الطعام ، وجاء الحديث بذلك فليقتصر عليه وفي معناه العلف ، واتفقوا على جواز ركوب دوابهم ولبس ثيابهم واستعمال سلاحهم حال الحرب ورده بعد انقضائها ، وشرط الأوزاعي فيه إذن الإمام ، وعليه أن يرده كلما فرغت حاجته ولا يستعمله في غير الحرب ولا ينتظر برده انقضاءها لئلا يعرضه للهلاك ، وحجته حديث أبي داود بإسناد حسن عن رويفع بن ثابت مرفوعا : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذ دابة من المغنم يركبها حتى إذا أعجفها ردها إلى المغانم " وذكر في الثوب كذلك .

                                                                                                          ( وسئل مالك عن الرجل يصيب الطعام في أرض العدو فيأكل منه ويتزود فيفضل منه شيء أيصلح ) أي يجوز ( له أن يحبسه ) يمنعه ( فيأكله في أهله أو ) أن ( يبيعه قبل أن يقدم بلاده فينتفع بثمنه ؟ قال مالك : إن باعه وهو في الغزو فإني أرى أن يجعل ثمنه في غنائم المسلمين ) لأنه إنما يباح له الأكل للحاجة والبيع زائد عليها فيمنع ( وإن بلغ به بلده فلا أرى بأسا أن يأكله وينتفع به إذا كان يسيرا تافها ) لا يلتفت إليه لا إن كان كثيرا .




                                                                                                          الخدمات العلمية