الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 449 ] القول في تأويل قوله ( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( وبينهما حجاب ) ، وبين الجنة والنار حجاب ، يقول : حاجز ، وهو : السور الذي ذكره الله تعالى فقال : ( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) ، [ سورة الحديد : 13 ] . وهو " الأعراف " التي يقول الله فيها : ( وعلى الأعراف رجال ) ، كذلك .

14671 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله بن رجاء عن ابن جريج قال : بلغني عن مجاهد قال : " الأعراف " ، حجاب بين الجنة والنار .

14672 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وبينهما حجاب ) ، وهو " السور " ، وهو " الأعراف " .

وأما قوله : ( وعلى الأعراف رجال ) ، فإن " الأعراف " جمع ، واحدها " عرف " ، وكل مرتفع من الأرض عند العرب فهو " عرف " ، وإنما قيل لعرف الديك " عرف " ، لارتفاعه على ما سواه من جسده ، ومنه قول الشماخ بن ضرار :


وظلت بأعراف تغالى ، كأنها رماح نحاها وجهة الريح راكز



[ ص: 450 ] يعني بقوله : " بأعراف " ، بنشوز من الأرض ، ومنه قول الآخر :


كل كناز لحمه نياف     كالعلم الموفي على الأعراف



وكان السدي يقول : إنما سمي " الأعراف " أعرافا ، لأن أصحابه يعرفون الناس .

14672 - حدثني بذلك محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14673 - حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمع ابن عباس يقول : " الأعراف " ، هو الشيء المشرف .

14674 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا ابن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : سمعت ابن عباس يقول ، مثله .

14675 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثني أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " الأعراف " ، سور كعرف الديك .

14676 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله . [ ص: 451 ]

14677 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : " الأعراف " ، حجاب بين الجنة والنار ، سور له باب قال أبو موسى : وحدثني عبيد الله بن أبي يزيد : أنه سمع ابن عباس يقول : إن الأعراف تل بين الجنة والنار ، حبس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار .

14678 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : " الأعراف " ، حجاب بين الجنة والنار ، سور له باب .

14679 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال : " الأعراف " ، سور بين الجنة والنار .

14680 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثنا معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : " الأعراف " ، سور بين الجنة والنار .

14681 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وعلى الأعراف رجال ) ، يعني بالأعراف : السور الذي ذكر الله في القرآن ، وهو بين الجنة والنار . [ ص: 452 ]

14682 - حدثنا الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " الأعراف " ، سور له عرف كعرف الديك .

14683 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : " الأعراف " ، سور بين الجنة والنار .

14684 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، حدثني عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول : " الأعراف " ، السور الذي بين الجنة والنار .

واختلف أهل التأويل في صفة الرجال الذين أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم على الأعراف ، وما السبب الذي من أجله صاروا هنالك .

فقال بعضهم : هم قوم من بني آدم ، استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فجعلوا هنالك إلى أن يقضي الله فيهم ما يشاء ، ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته إياهم .

ذكر من قال ذلك :

14685 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال : قال الشعبي : أرسل إلي عبد الحميد بن عبد الرحمن ، وعنده أبو الزناد عبد الله بن ذكوان مولى قريش ، وإذا هما قد ذكرا من أصحاب الأعراف ذكرا ليس كما ذكرا ، فقلت لهما : إن شئتما أنبأتكما بما ذكر حذيفة ، فقالا هات ! فقلت : إن حذيفة ذكر أصحاب الأعراف فقال : هم قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار ، وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة ، فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا : " ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " . فبينا هم كذلك ، اطلع إليهم ربك تبارك وتعالى فقال : اذهبوا وادخلوا الجنة ، فإني قد غفرت لكم . [ ص: 453 ]

14686 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا حصين ، عن الشعبي ، عن حذيفة ، أنه سئل عن أصحاب الأعراف ، قال فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة ، وخلفت بهم حسناتهم عن النار . قال : فوقفوا هنالك على السور حتى يقضي الله فيهم .

14687 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير وعمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عامر ، عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف قوم كانت لهم ذنوب وحسنات ، فقصرت بهم ذنوبهم عن الجنة ، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، فهم كذلك حتى يقضي الله بين خلقه ، فينفذ فيهم أمره .

14688 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فيقول : ادخلوا الجنة بفضلي ومغفرتي ، لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون .

14689 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن عامر ، عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف ، قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار ، وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة .

14690 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي قال : قال سعيد بن جبير ، وهو يحدث ذلك عن ابن مسعود قال : يحاسب الناس يوم القيامة ، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار . ثم قرأ قول الله : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) ، [ سورة الأعراف : 8 - 9 ] . ثم قال : إن الميزان يخف [ ص: 454 ] بمثقال حبة ويرجح . قال : فمن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف ، فوقفوا على الصراط ، ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا : " سلام عليكم " ، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم نظروا أصحاب النار قالوا : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) [ سورة الأعراف : 47 ] ، فيتعوذون بالله من منازلهم ، قال : فأما أصحاب الحسنات ، فإنهم يعطون نورا فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ، ويعطى كل عبد يومئذ نورا ، وكل أمة نورا . فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة . فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون ، قالوا : " ربنا أتمم لنا نورنا " . وأما أصحاب الأعراف ، فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع من أيديهم ، فهنالك يقول الله : ( لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، فكان الطمع دخولا . قال : فقال ابن مسعود : على أن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر ، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة . ثم يقول : هلك من غلب وحدانه أعشاره .

14691 - حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال ، أخبرني ابن وهب قال ، أخبرني عيسى الحناط ، عن الشعبي ، عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف ، قوم كانت لهم أعمال أنجاهم الله بها من النار ، وهم آخر من يدخل الجنة ، قد عرفوا أهل الجنة وأهل النار . [ ص: 455 ]

14692 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا همام ، عن قتادة قال : قال ابن عباس : أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم ، ولا سيئاتهم على حسناتهم .

14693 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير ، عن منصور ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس قال : " الأعراف " ، سور بين الجنة والنار ، وأصحاب الأعراف بذلك المكان ، حتى إذا بدا لله أن يعافيهم ، انطلق بهم إلى نهر يقال له : " الحياة " ، حافتاه قصب الذهب ، مكلل باللؤلؤ ، ترابه المسك ، فألقوا فيه حتى تصلح ألوانهم ، ويبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ، حتى إذا صلحت ألوانهم ، أتى بهم الرحمن فقال : تمنوا ما شئتم ! قال : فيتمنون ، حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم : لكم الذي تمنيتم ومثله سبعين مرة! فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ، يسمون مساكين الجنة .

14694 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن الحارث قال : أصحاب الأعراف ، يؤمر بهم إلى نهر يقال له : " الحياة " ، ترابه الورس والزعفران ، وحافتاه قصب اللؤلؤ قال : وأحسبه قال : مكلل باللؤلؤ وقال : فيغتسلون فيه ، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء ، فيقال لهم : تمنوا ! فيقال لهم : لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفا! [ ص: 456 ] وإنهم مساكين أهل الجنة قال حبيب : وحدثني رجل : أنهم استوت حسناتهم وسيئاتهم .

14695 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن الحارث قال : أصحاب الأعراف ، ينتهى بهم إلى نهر يقال له : " الحياة " ، حافتاه قصب من ذهب قال سفيان : أراه قال : مكلل باللؤلؤ قال : فيغتسلون منه اغتسالة فتبدو في نحورهم شامة بيضاء ، ثم يعودون فيغتسلون ، فيزدادون . فكلما اغتسلوا ازدادت بياضا ، فيقال لهم : تمنوا ما شئتم ! فيتمنون ما شاءوا ، فيقال لهم : لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفا ! قال : فهم مساكين أهل الجنة .

14696 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا ابن عيينة ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف ، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فهم على سور بين الجنة والنار : ( لم يدخلوها وهم يطمعون ) .

14697 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان ابن عباس يقول : " الأعراف " ، بين الجنة والنار ، حبس عليه أقوام بأعمالهم . وكان يقول : قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم ، ولا سيئاتهم على حسناتهم .

14698 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : قال ابن عباس : أهل الأعراف ، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم .

14699 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : أصحاب الأعراف ، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم .

14700 - . . . . وقال ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن شريك ، عن منصور ، [ ص: 457 ] عن سعيد بن جبير قال : أصحاب الأعراف ، استوت أعمالهم .

14701 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : أصحاب الأعراف ، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فوقفوا هنالك على السور .

14702 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سفيع ، أو سميع قال أبو جعفر : كذا وجدت في كتاب سفيع ، عن أبي علقمة قال : أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم .

وقال آخرون : كانوا قتلوا في سبيل الله عصاة لآبائهم في الدنيا .

ذكر من قال ذلك :

14703 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن أبي مسعر ، عن شرحبيل بن سعد قال : هم قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم .

14704 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني الليث قال ، حدثني خالد ، عن سعيد ، عن يحيى بن شبل : أن رجلا من بني النضير أخبره ، عن رجل من بني هلال : أن أباه أخبره : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال : هم قوم غزوا في سبيل الله عصاة لآبائهم ، فقتلوا ، فأعتقهم الله من النار بقتلهم في سبيله ، وحبسوا عن الجنة بمعصية آبائهم ، فهم آخر من يدخل الجنة . [ ص: 458 ]

14705 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن أبي معشر ، عن يحيى بن شبل مولى بني هاشم ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ، فقال : قوم قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم ، فمنعهم قتلهم في سبيل الله عن النار ، ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة .

وقال آخرون : بل هم قوم صالحون فقهاء علماء .

ذكر من قال ذلك :

14706 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد قال : أصحاب الأعراف قوم صالحون فقهاء علماء . [ ص: 459 ]

وقال آخرون : بل هم ملائكة وليسوا ببني آدم .

ذكر من قال ذلك :

14707 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية ، عن أبي مجلز قوله : ( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : هم رجال من الملائكة ، يعرفون أهل الجنة وأهل النار ، قال : ( ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ) ، إلى قوله : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) ، قال : فنادى أصحاب الأعراف رجالا في النار يعرفونهم بسيماهم : ( ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ) ، قال : فهذا حين دخل أهل الجنة الجنة : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) .

14708 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا المعتمر قال ، سمعت عمران قال : قلت لأبي مجلز : يقول الله : ( وعلى الأعراف رجال ) ، وتزعم أنت أنهم الملائكة؟ قال فقال : إنهم ذكور ، وليسوا بإناث .

14709 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن سليمان التيمي ، عن أبي مجلز : ( وعلى الأعراف رجال ) ، قال : رجال من الملائكة ، يعرفون الفريقين جميعا بسيماهم ، أهل النار وأهل الجنة ، وهذا قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة . [ ص: 460 ]

14710 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن التيمي ، عن أبي مجلز ، بنحوه .

14711 - . . . . وقال ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن التيمي ، عن أبي مجلز قال : أصحاب الأعراف ، الملائكة .

14712 - حدثني المثنى قال ، حدثنا يعلى بن أسد قال ، حدثنا خالد قال ، أخبرنا التيمي ، عن أبي مجلز : ( وعلى الأعراف رجال ) ، قال : هم الملائكة .

14713 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن عمران بن حدير ، عن أبي مجلز : ( وعلى الأعراف رجال ) ، قال : هم الملائكة . قلت : يا أبا مجلز ، يقول الله تبارك وتعالى : " رجال " ، وأنت تقول : ملائكة؟ قال : إنهم ذكران ليسوا بإناث .

14714 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن عمران بن حدير ، عن أبي مجلز في قوله : ( وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : الملائكة . قال قلت : يقول الله " رجال " ؟ قال : الملائكة ذكور .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في أصحاب الأعراف أن يقال كما قال الله جل ثناؤه فيهم : هم رجال يعرفون من أهل الجنة وأهل النار بسيماهم ، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصح سنده ، ولا أنه متفق على تأويلها ، ولا إجماع من الأمة على أنهم ملائكة .

فإذ كان ذلك كذلك ، وكان ذلك لا يدرك قياسا ، وكان المتعارف بين أهل لسان العرب أن " الرجال " اسم يجمع ذكور بني آدم دون إناثهم ودون سائر [ ص: 461 ] الخلق غيرهم ، كان بينا أن ما قاله أبو مجلز من أنهم ملائكة ، قول لا معنى له ، وأن الصحيح من القول في ذلك ما قاله سائر أهل التأويل غيره . هذا مع من قال بخلافه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من الأخبار ، وإن كان في أسانيدها ما فيها ، وقد : -

14715 - حدثني القاسم قال ، حدثني الحسين قال ، حدثني جرير عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال ، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال : " هم آخر من يفصل بينهم من العباد ، وإذا فرغ رب العالمين من فصله بين العباد قال : أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ، ولم تدخلكم الجنة ، وأنتم عتقائي ، فارعوا من الجنة حيث شئتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية