الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  باب الحاء .

                                                                  حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية "

                                                                  واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن حبان بن سعد بن بكر من بني سعد بن بكر بن هوازن وهي أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته " .

                                                                  ( 545 ) حدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا ابن الأصبهاني ، ثنا [ ص: 213 ] عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، ح وحدثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا أبو عمر الضرير ، ثنا زياد بن عبد الله البكائي ، ح وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا مسروق بن المرزبان الكندي ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، كلهم ، عن محمد بن إسحاق ، عن جهم بن أبي الجهم ، مولى الحارث بن حاطب ، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قال : حدثتني [ ص: 214 ] حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، من سعد بن بكر بن هوازن وهي أم النبي صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته أنها حدثت قالت : " أصابتنا سنة شهباء فلم تبق لنا شيئا فخرجنا في نسوة من بني سعد بن بكر إلى مكة نلتمس الرضعاء فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها نبي الله صلى الله عليه وسلم فتأباه ، وتكرهه ، وذلك أنه كان لا أب له ، وكانت الظورات إنما يرجون الخير من الآباء ، وكانت المرأة تقول : ما أصنع بهذا ؟ ، ما عسى أن تصنع بي أمه فيكرهنه ، قالت : فعرض علي فأبيته فلم تبق امرأة من قومي إلا وجدت رضيعا ، وحضر انصرافهن إلى بلادهن ، فخشيت أن أرجع بغير رضيع ، فقلت لزوجي : لو أخذت ذاك الغلام اليتيم كان أمثل من أن أرجع بغير رضيع ، فجئت إلى أمه فأخذته وجئت به إلى منزلي ، وكان لي ابن أرضعه وكان يسهر كثيرا من الليل جوعا ما ينام ، فلما ألقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثديي أقبلا عليه بما شاء من اللبن حتى روى وروى أخوه ونام ، وقام زوجي في جوف الليل إلى شاة معنا والله أن يبض بقطرة ، قالت : فوقعت يده على ضرعها فإذا هو حافل محلب ، فجاءني فقال : يا ابنة وهب والله إني لأحسب هذه النسمة مباركة ثم أخبرني خبر الشاة ، فأخبرته خبر ما رأيت من ثديي تلك الليلة فخرجنا على أتان لنا كانت قبل ذلك ما يلحق الحمر ضعفا ، فلما صرنا عليها متوجهين إلى بلادنا كانت تقدم القوم حتى يصحن بي ويحك يا ابنة أبي ذؤيب قطعت منا إن لأتانك هذه لشأنا ، قالت : " فقدمنا به بلاد بني سعد بن بكر لا نتعرف إلا البركة حتى إن كان راعينا ليذهب بغنمنا فيرعاها ، ويبعث قومنا بأغنامهم فإذا كان عند الليل راحوا فتجيء أغنامنا بحفلان ما من أغنامهم شاة تبض بقطرة فيقولون لرعيانهم ، ويلكم ارعوا [ ص: 215 ] حيث يرعى راعي بنت أبي ذؤيب ، قالت : فلم يزل كذلك معنا ، فكان ذات يوم خلف بيوتنا في بهم لنا هو ، وأخوه يلعبان إذ جاء أخوه يسعى ، فقال : ذاك أخي القرشي قد قتل ، فجئنا نبادره أنا وأبوه فتلقانا منتقع اللون فجعلنا نضمه إلينا أنا مرة ، وأبوه مرة نقول له : ما لك يا بني فيقول لا أدري أتاني رجلان فصرعاني فشقا بطني فجعلا يسوطانه فأقبل علي أبوه ، فقال : ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب فبادري به أهله قبل أن يتفاقم به الأمر عندنا ، قالت : فلم يكن لي همة حتى أقدمته مكة على أمه ، وقلت لها : يا ظئر إني قد فصلت ابني ، وارتفع عن العاهة فأخبليه ، فقالت : ما لك زاهدة فيه قد كنت تسأليني أن أتركه عندك كأنك خفت عليه الشيطان ، أولا أحدثك عني وعنه إني رأيت حين ولدته أنه خرج مني نور أضاءت منه قصور بصرى من أرض الشام " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية