الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  الآفة الحادية عشرة : السخرية والاستهزاء :

                                                                  وهو محرم ، قال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ) [ الحجرات : 11 ] .

                                                                  ومعنى السخرية [ ص: 194 ] الاستهانة والتحقير ، والتنبيه على العيوب والنقائض ، على وجه يضحك منه ، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في القول والفعل ، وقد يكون بالإشارة والإيماء . ومرجع ذلك إلى استحقار الغير ، والضحك عليه ، والاستهانة به ، والاستصغار له ، وعليه نبه قوله تعالى : ( عسى أن يكونوا خيرا منهم ) [ الحجرات : 11 ] أي لا تستحقره استصغارا ؛ فلعله خير منك ، وهذا إنما يحرم فيه حق من يتأذى به ، فأما من جعل نفسه مسخرة ، وربما فرح من أن يسخر به - كانت السخرية في حقه من جملة المرح ، وقد سبق ما يذم منه وما يمدح ، وإنما المحرم استصغار يتأذى به المستهزأ به ؛ لما فيه من التحقير والتهاون ، وذلك تارة بأن يضحك على كلامه إذا تخبط فيه ولم ينتظم ، أو على أفعاله إذا كانت مشوشة ، كالضحك على حفظه ، وعلى صنعته ، أو على صورته وخلقته لعيب فيه ، فالضحك من جميع ذلك داخل في السخرية المنهي عنها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية