الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله: وأنفقوا في سبيل الله آية 195

                                          [1742 ] حدثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، عن منصور قال: سمعت أبا صالح مولى أم هانئ أنه سمع ابن عباس يقول: في قول الله: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مشقصا.

                                          [1743 ] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا المسيب بن واضح، ثنا يوسف بن أسباط ، عن سفيان ، قوله: وأنفقوا في سبيل الله قال: في طاعة الله.

                                          قوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

                                          اختلف في تفسيره فأحد ذلك:

                                          ما قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أنبأ ابن وهب ، أخبرني حيوة، وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، قال: غزونا القسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر ، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فحمل رجل منا على العدو، فقال الناس: مه مه، لا إله إلا الله، يلقي بيديه، فقال أبو أيوب الأنصاري : إنما تأولون هذه الآية هكذا، إن حمل رجل يلتمس الشهادة أو يبلي من نفسه إنما نزلت الآية فينا معشر الأنصار، إنا لما نصر الله تعالى نبيه وأظهر الإسلام، قلنا بيننا خفيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا قد تركنا أهلنا وأموالنا أن [ ص: 331 ] نقيم فيها ونصلحها حتى ينصر الله تعالى رسوله. هل نقيم في أموالنا ونصلحها؟ فأنزل الله الخبر من السماء وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. وقال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية .

                                          الوجه الثاني:

                                          [1744 ] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي وائل عن حذيفة في قول الله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال: يعني: في ترك النفقة في سبيل الله.

                                          وروي عن ابن عباس وعكرمة والحسن ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وأبي صالح والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان وقتادة ، نحو ذلك.

                                          والوجه الثالث

                                          [1745 ] حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أخبرني ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن عياش، عن زيد بن أسلم ، في قول الله: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وذلك أن رجالا كانوا يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بغير نفقة فإما يقطع بهم وإما كانوا عيالا فأمرهم الله، أن يستنفقوا مما رزقهم الله، ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، والتهلكة أن يهلك رجال من الجوع أو العطش أو من المشي وقال لمن بيده فضل: وأحسنوا إن الله يحب المحسنين

                                          وروي عن القاسم بن محمد ، نحو ذلك.

                                          والوجه الرابع:

                                          [1746 ] حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأ ابن وهب ، أخبرني أبو صخر، عن القرظي ، أنه كان يقول في هذه الآية: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزود الرجل، فكان أفضل زادا من الآخر. أنفق البائس حتى [ ص: 332 ] لا يبقى من زاده شيء، أحب أن يواسي صاحبه، فأنزل الله تعالى وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والوجه الخامس:

                                          [1747 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني الليث ، حدثنا عبد الرحمن يعني ابن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن عبد الرحمن الأسود بن عبد يغوث أخبره، أنهم حاصروا دمشق، فانطلق رجل من أزد شنوءة فأسرع في العدو وحده ليستقتل، فعاب ذلك عليه المسلمون، ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص ، فأرسل إليه عمرو ، فرده وقال له عمرو : قال الله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

                                          الوجه السادس:

                                          [1748 ] حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمس، ثنا وكيع ، عن إسرائيل وأبيه، عن أبي إسحاق ، عن البراء في قوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال: فقال له رجل: يا أبا عمارة هو الرجل يلقى العدو فيستقتل؟ قال: لا، ولكنه الرجل يذنب، فيلقي بيده، فيقول لا يغفر الله لي. وعن النعمان بن بشير وعبيدة السلماني والحسن وأبي قلابة ومحمد بن سيرين نحو ذلك.

                                          والوجه السابع:

                                          [1749 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والتهلكة عذاب الله.

                                          والوجه الثامن:

                                          [1750 ] حدثنا أبي ، ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن الضحاك بن أبي جبيرة، قال: كانت الأنصار يتصدقون، يعطون ما شاء الله، فأصابتهم سنة فأمسكوا، فأنزل الله عز وجل وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين

                                          [ ص: 333 ] والوجه التاسع:

                                          [1751 ] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن الحسن: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال: البخل.

                                          قوله: وأحسنوا إن الله يحب المحسنين

                                          [1752 ] حدثنا أبو عبد الله الطهراني، أنبأ حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: وأحسنوا إن الله يحب المحسنين قال: أحسنوا الظن بالله يبر بكم.

                                          والوجه الثاني

                                          [1753 ] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن يمان وأبو أسامة، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، في قوله: وأحسنوا إن الله يحب المحسنين قال: في أداء الفرائض. وفي حديث ابن يمان: في الصلوات الخمس.

                                          [1754 ] حدثنا الحجاج بن حمزة ، ثنا ابن أبي الحواري، ثنا محمد بن ثابت قال: دخلنا على فضيل بن عياض ، فقال لنا: اعلموا أن العبد لو أحسن الإحسان كله وكانت له دجاجة، فأساء إليها لم يكن من المحسنين.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية