الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 305 ] ( وإذا الرسل أقتت ( 11 ) لأي يوم أجلت ( 12 ) ليوم الفصل ( 13 ) وما أدراك ما يوم الفصل ( 14 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 15 ) ألم نهلك الأولين ( 16 ) ثم نتبعهم الآخرين ( 17 ) كذلك نفعل بالمجرمين ( 18 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 19 ) ألم نخلقكم من ماء مهين ( 20 ) فجعلناه في قرار مكين ( 21 ) إلى قدر معلوم ( 22 ) فقدرنا فنعم القادرون ( 23 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 24 ) ألم نجعل الأرض كفاتا ( 25 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا الرسل أقتت ) قرأ أهل البصرة " وقتت " بالواو ، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف ، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف ، وهما لغتان . والعرب تعاقب بين الواو والهمزة كقولهم : وكدت وأكدت ، وورخت وأرخت ، ومعناهما : جمعت لميقات يوم معلوم ، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم . ( لأي يوم أجلت ) أي أخرت ، وضرب الأجل لجمعهم فعجب العباد من ذلك اليوم ، ثم بين فقال ( ليوم الفصل ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يوم يفصل الرحمن - عز وجل - بين الخلائق . ( وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين ألم نهلك الأولين ) يعني الأمم الماضية بالعذاب ، في الدنيا حين كذبوا رسلهم . ( ثم نتبعهم الآخرين ) السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب يعني كفار مكة بتكذيبهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - . ( كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين ألم نخلقكم من ماء مهين ) يعني النطفة . ( فجعلناه في قرار مكين ) يعني الرحم . ( إلى قدر معلوم ) وهو وقت الولادة . ( فقدرنا ) قرأ أهل المدينة والكسائي : " فقدرنا " بالتشديد من التقدير ، وقرأ الآخرون بالتخفيف من القدرة ؛ لقوله : " فنعم القادرون " وقيل : معناهما واحد . وقوله : ( فنعم القادرون ) أي المقدرون . ( ويل يومئذ للمكذبين ألم نجعل الأرض كفاتا ) وعاء ، ومعنى الكفت : الضم والجمع ، [ ص: 306 ] يقال : كفت الشيء : إذا ضمه وجمعه . وقال الفراء : يريد تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم ، وتكفتهم أمواتا في بطنها ، أي : تحوزهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية