الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة الخامسة : حلف : لا يأكل اللحم أو لا يشتريه ، لم يحنث بشحم البطن وشحم العين . والأصح : أنه لا يحنث بشحم الظهر والجنب ، وهو الأبيض الذي لا يخالطه الأحمر ، لأنه لحم سمين . ولهذا يحمر عند الهزال . ولو حلف : لا يأكل الشحم ، حنث بشحم البطن ، ولا يحنث باللحم قطعا ، ولا بشحم الظهر على الأصح . وعن الشيخ أبي زيد وجه ثالث : أنه إن كان الحالف عربيا ، فشحم الظهر شحم في حقه ، لأنهم يعدونه شحما ، وإن كان عجميا ، فهو لحم في حقه . وفي شحم العين وجهان . ويدخل في اليمين على اللحم لحم النعم ، والوحش ، والطير المأكول كله . وفيما لا يؤكل كالميتة ، والخنزير ، والذئب ، والحمار ، وغيرها وجهان ، رجح الشيخ أبو حامد والروياني المنع ، والقفال وغيره الحنث .

                                                                                                                                                                        قلت : المنع أقوى . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ولا يحنث بأكل السمك على الصحيح . والصحيح أن الألية ليست بلحم ولا شحم . وقيل : لحم . وقيل : شحم ، والسنام كالألية . [ ص: 40 ] ولو حلف على الألية ، لم يحنث بالسنام ، وكذا العكس . ولو حلف على الدسم ، تناول شحم الظهر والبطن والألية والسنام والأدهان كلها ، والمذهب أنه لا يدخل في اللحم الأمعاء والطحال والكرش والكبد والرئة ، ولا يدخل المخ قطعا وقد يجيء فيه الخلاف ، ولا يدخل القلب على الأصح ، ويحنث بأكل لحم الرأس والخد واللسان والأكارع على المذهب ، وقيل : وجهان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حلف : لا يأكل لحم بقر ، حنث بلحم الجاموس وبالبقر الأهلي والوحشي . وقيل : في الوحشي وجهان وهو ضعيف . ولو حلف لا يركب الحمار ، فركب حمار الوحش ، فوجهان بناء على أن الحمارين جنس في الربا أم جنسان وقد سبق في الربا وجهان في أن الجراد هل هو من جنس اللحوم ويمكن أن يخرج عليهما الحنث بأكله في يمين اللحم .

                                                                                                                                                                        قلت : الصواب الجزم

                                                                                                                                                                        [ بعدم ] الحنث ، لعدم إطلاق الاسم لغة وعرفا . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حلف : لا يأكل ميتة ، لم يحنث بالمذكاة وإن حلها الموت للعرف . وهل يحنث بأكل السمك ؟ وجهان ، أحدهما : نعم للحديث أحلت لنا ميتتان وأصحهما : لا ، للعرف ، كما لو حلف : لا يأكل دما ، لا يحنث بالكبد والطحال .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية