الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1972 - مسألة : وطلاق المريض كطلاق الصحيح ، ولا فرق - مات من ذلك المرض أو لم يمت منه - فإن كان طلاق المريض ثلاثا ، أو آخر ثلاث ، أو قبل أن يطأها فمات ، أو ماتت - قبل تمام العدة أو بعدها - أو كان طلاقا رجعيا فلم يرتجعها - حتى مات أو ماتت بعد تمام العدة ، فلا ترثه في شيء من ذلك كله ، ولا يرثها أصلا .

                                                                                                                                                                                          وكذلك طلاق الصحيح للمريضة ، وطلاق المريض للمريضة ، ولا فرق وكذلك طلاق الموقوف للقتل والحامل المثقلة - : وهذا مكان اختلف الناس فيه - : فقول أول - فيه : أنه ليس طلاقا ، كما نا محمد بن سعيد بن نبات نا ابن مفرج نا [ ص: 487 ] عبد الله بن جعفر بن الورد نا يحيى بن أيوب بن بادي العلاف نا يحيى بن بكير نا الليث بن سعد عن نافع - مولى ابن عمر - قال : إن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأة له كلبية في مرضه الذي مات فيه ، فكلمه عثمان ليراجعها ؟ فتلكأ عليه عبد الرحمن ؟ فقال عثمان : قد أعرف إنما طلقها كراهية أن ترث مع أم كلثوم ، وإني والله لأقسمن لها ميراثها ، وإن كانت أم كلثوم أختي - قال نافع : وكان آخر طلاقها تطليقة في مرضه .

                                                                                                                                                                                          فهذا عثمان يأمر عبد الرحمن بمراجعتها بعد أن طلقها آخر طلاقها في مرضه - فصح أنه لم يكن يراه طلاقا .

                                                                                                                                                                                          فكل ما روي عن عثمان بعد هذا فهو مردود إلى هذا .

                                                                                                                                                                                          وجاء عن عثمان أيضا - أن عبد الرحمن بن مكمل طلق بعض نسائه بعد أن أصابه فالج ، ثم مات بعد سنتين فورثها منه عثمان . وصح عنه أنه ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف الكلبية ، وقد طلقها - وهو مريض - آخر ثلاث تطليقات ، ثم مات بعد أن أتمت عدتها ، فقيل لعثمان : لم تورثها من عبد الرحمن ، وقد علمت أنه لم يطلقها ضرارا ولا فرارا من كتاب الله عز وجل ؟ فقال عثمان : أردت أن تكون سنة يهاب الناس الفرار من كتاب الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                          وقول آخر - ترثه ويرثها : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول : يتورثان إن مات من مرضه ذلك .

                                                                                                                                                                                          وقول ثالث - : ترثه - وإن صح ثم مات من مرض آخر - : روينا من طريق أبي عبيد نا عبد الله بن صالح نا الليث بن سعد عن يونس بن يزيد عن الزهري : أنه سئل عمن طلق امرأته - وهو مريض - فبتها فصح أياما - وهي في العدة - ثم مرض ثم مات من وجع آخر ، أو عاد له وجعه ؟ قال الزهري : نرى حين طلقها - وهو مريض - أنها - في قضاء عثمان - ترثه .

                                                                                                                                                                                          وبهذا يقول سفيان الثوري ، والأوزاعي ، وزفر بن الهذيل ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، كلهم يقول : إذا طلقها وهو مريض ، ثم صح ، ثم مات قبل انقضاء عدتها ، فإنها ترثه . [ ص: 488 ]

                                                                                                                                                                                          وقال الأوزاعي : إن ملكها نفسها - وهو مريض - فطلقت نفسها لم ترثه ، وإن طلقها - وهو مريض - بإذنها ورثته .

                                                                                                                                                                                          وقول رابع - رويناه من طريق سعيد بن منصور نا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة أنه سأل أباه عروة عمن طلق امرأته ألبتة ، وهو مريض ؟ فقال عروة : لا يتوارثان إلا أن يكون بها حبل ، أو يطلق مضارة فيموت وهي في العدة منه .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية