الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        النوع الثالث : في العقود وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                        إحداها : حلف : لا يأكل طعاما اشتراه زيد ، أو من طعام اشتراه زيد ، أو لا يلبس ثوبا اشتراه زيد ، لم يحنث بما ملكه بإرث أو هبة أو وصية ، أو رجع إليه برد بعيب أو بإقالة وإن جعلنا الإقالة بيعا ، لأنه لا يسمى بيعا عند الإطلاق ، وكذا لا يحنث بما خلص له بالقسمة [ ص: 46 ] وإن جعلناها بيعا . ويحنث بما ملكه بالتولية والإشراك والسلم ، لأنها بيوع ، ولا يحنث بما ملكه بالصلح على الصحيح ، وبه قطع الصيدلاني والبغوي والمتولي والروياني وغيرهم . ولو قال : لا أدخل دارا اشتراها زيد ، لم يحنث بدار ملك بعضها بالشفعة . ولا يحنث بم اشتراه لزيد وكيله ، ويحنث بما اشتراه زيد لغيره بوكالة أو ولاية . ولو اشتراه زيد ثم باعه ، فأكله ، حنث ، لأنه موصوف بأن زيدا اشتراه . وكذا لو باع بعضه وأكل من ذلك البعض ولو أكل طعاما اشتراه زيد وعمرو ، لم يحنث على الصحيح . وقيل : يحنث ، لأنه ما من جزء إلا وقد ورد عليه شراء زيد ، وهذا اختيار القاضي أبي الطيب . وقيل : إن أكل النصف فما دونه ، لم يحنث ، وإن أكل أكثر منه ، حنث ، لأنا نتحقق أنه أكل مما اشتراه زيد ، ثم لم يفرق الجمهور بين قوله : لا آكل من طعام اشتراه زيد ، وقوله : طعاما اشتراه زيد . وخص البغوي الأوجه بما إذا قال : من طعام اشتراه زيد ، وقطع بعدم الحنث فيما إذا قال : طعاما اشتراه زيد ، قال : إلا أن يريد

                                                                                                                                                                        [ أن ] لا يأكل طعامه أو من طعامه ، فيحنث بالمشترك . ولو اشترى زيد طعاما ، وعمرو طعاما ، وخلطا ، فأكل الحالف من المختلط ، فثلاثة أوجه .

                                                                                                                                                                        أحدها : لا يحنث وإن أكل الجميع ، وبه قال ابن أبي هريرة ، لأنه لا يمكن الإشارة إلى شيء منه بأنه اشتراه زيد .

                                                                                                                                                                        والثاني ، وهو قول الاصطخري ، واختاره القاضي أبو الطيب : إن أكل أكثر من النصف ، حنث ، وإلا ، فلا ، وهو عند استواء القدرين .

                                                                                                                                                                        والثالث ، وهو الأصح ، وبه قال أبو إسحاق : أنه إن أكل قليلا يمكن أن يكون مما اشتراه عمرو ، كعشر حبات من الحنطة ، وعشرين [ ص: 47 ] حبة ، لم يحنث ، وإن أكل قدرا صالحا ، كالكف والكفين ، حنث ، لأنا نتحقق أن فيه مما اشتراه زيد .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : لا أسكن دارا لزيد ، فسكن دارا له فيها حصة قليلة ، أو كثيرة ، لا يحنث . نص عليه في " الأم " .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        في تعليقة إبراهيم المروزي : أنه لو حلف : لا يأكل طعام زيد ، فأكل مشتركا بينه وبين غيره ، حنث ، وقد سبق عن البغوي ما يوافقه ، قال : ولو حلف لا يلبس ثوب زيد ، أو لا يركب دابته ، فلبس أو ركب مشتركا ، لم يحنث .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية