الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 161 ] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا

                                                                                                                                                                                                                                      وكل إنسان مكلف ألزمناه طائره أي: عمله الصادر عنه باختياره حسبما قدر له كأنه طار إليه من عش الغيب ووكر القدر، أو ما وقع له في القسمة الأزلية الواقعة حسب استحقاقه في العلم الأزلي من قولهم: طار له سهم كذا. في عنقه تصوير لشدة اللزوم، وكمال الارتباط، أي: ألزمناه عمله بحيث لا يفارقه أبدا. بل يلزمه لزوم القلادة أو الغل للعنق لا ينفك عنه بحال. وقرئ: بسكون النون. ونخرج له بنون العظمة، وقد قرئ: بالياء مبنيا للفاعل على أن الضمير لله عز وجل ، وللمفعول ، والضمير للطائر كما في قراءة يخرج من الخروج يوم القيامة والبعث للحساب كتابا مسطورا فيه ما ذكر من عمله نقيرا وقطميرا، وهو مفعول لنخرج على القراءتين الأوليين، أو حال من المفعول المحذوف الراجع إلى الطائر، وعلى الأخريين حال من المستتر في الفعل من ضمير الطائر. يلقاه أي: يلقى الإنسان، أو يلقاه الإنسان. منشورا وهما صفتان للكتاب، أو الأولى صفة. والثاني حال منها. وقرئ: (يلقاه) من لقيته كذا، أي: يلقى الإنسان إياه. قال الحسن : بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان فهما عن يمينك وعن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك، حتى إذا مت طويت صحيفتك، وجعلت معك في قبرك، حتى تخرج لك يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية