قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=68ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=68ننكسه في الخلق ، أي : نقلبه فيه ، فنخلقه على عكس ما خلقناه من قبل ، وذلك أنا خلقناه على ضعف في جسده ، وخلو من عقل وعلم ، ثم جعلناه يتزايد وينتقل من حال إلى حال ، ويرتقي من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ أشده ، ويستكمل قوته ويعقل ويعلم ما له وما عليه ، فإذا انتهى نكسناه في الخلق ، فجعلناه يتناقص حتى يرجع في حال شبيهة بحال الصبي في ضعف جسده ، وقلة عقله ، وخلوه من العلم . وأصل معنى التنكيس : جعل أعلى الشيء أسفله .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، جاء موضحا في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة الآية [ 30 \ 54 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=4لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5ثم رددناه أسفل سافلين الآية [ 95 \ 4 - 5 ] ، على أحد التفسيرين . وقوله تعالى في " الحج " :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا [ 22 \ 5 ] ، وقوله تعالى في " النحل " :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=70ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا [ 16 \ 70 ] ، وقوله تعالى في سورة " المؤمن " :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=67ثم لتكونوا شيوخا [ 40 \ 67 ] .
[ ص: 300 ] وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة " النحل " ، وقرأ هذا الحرف
عاصم ،
وحمزة : ننكسه بضم النون الأولى ، وفتح الثانية وتشديد الكاف المكسورة ، من التنكيس ، وقرأه الباقون بفتح النون الأولى ، وإسكان الثانية ، وضم الكاف مخففة مضارع نكسه المجرد وهما بمعنى واحد . وقرأ
نافع وابن ذكوان عن
ابن عامر : أفلا تعقلون بتاء الخطاب . وقرأه الباقون : أفلا يعقلون ، بياء الغيبة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=68وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ . قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=68نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ، أَيْ : نُقَلِّبُهُ فِيهِ ، فَنَخْلُقُهُ عَلَى عَكْسِ مَا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ ، وَذَلِكَ أَنَا خَلَقْنَاهُ عَلَى ضَعْفٍ فِي جَسَدِهِ ، وَخُلُوٍّ مِنْ عَقْلٍ وَعِلْمٍ ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ يَتَزَايَدُ وَيَنْتَقِلُ مَنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ ، وَيَرْتَقِي مِنْ دَرَجَةٍ إِلَى دَرَجَةٍ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ، وَيَسْتَكْمِلَ قُوَّتَهُ وَيَعْقِلَ وَيَعْلَمَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ ، فَإِذَا انْتَهَى نَكَّسْنَاهُ فِي الْخَلْقِ ، فَجَعَلْنَاهُ يَتَنَاقَصُ حَتَّى يَرْجِعَ فِي حَالٍ شَبِيهَةٍ بِحَالِ الصَّبِيِّ فِي ضَعْفِ جَسَدِهِ ، وَقِلَّةِ عَقْلِهِ ، وَخُلُوِّهِ مِنَ الْعِلْمِ . وَأَصْلُ مَعْنَى التَّنْكِيسِ : جَعْلُ أَعْلَى الشَّيْءِ أَسْفَلَهُ .
وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً الْآيَةَ [ 30 \ 54 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=4لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ الْآيَةَ [ 95 \ 4 - 5 ] ، عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ . وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي " الْحَجِّ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا [ 22 \ 5 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي " النَّحْلِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=70وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا [ 16 \ 70 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْمُؤْمِنِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=67ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا [ 40 \ 67 ] .
[ ص: 300 ] وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي سُورَةِ " النَّحْلِ " ، وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ
عَاصِمٌ ،
وَحَمْزَةُ : نُنَكِّسْهُ بِضَمِّ النُّونِ الْأُولَى ، وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ الْمَكْسُورَةِ ، مِنَ التَّنْكِيسِ ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى ، وَإِسْكَانِ الثَّانِيَةِ ، وَضَمِّ الْكَافِ مُخَفَّفَةً مُضَارِعُ نَكَسَهُ الْمُجَرَّدِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ : أَفَلَا تَعْقِلُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ . وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ : أَفَلَا يَعْقِلُونَ ، بِيَاءِ الْغَيْبَةِ .