الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2510 ) مسألة : قال : ( ثم يصير إلى موقف عرفة عند الجبل ، وعرفة كلها موقف ، ويرفع عن بطن عرنة ، فإنه لا يجزئه الوقوف فيه ) يعني إذا صلى الصلاتين ، صار إلى الوقوف بعرفة ويستحب أن يغتسل للوقوف ، كان ابن مسعود يفعله ، وروي عن علي ، وبه يقول الشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن المنذر ; لأنها مجمع للناس ، فاستحب الاغتسال لها ، كالعيد والجمعة . وعرفة كلها موقف ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { قد وقفت هاهنا ، وعرفة كلها موقف } . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وعن يزيد بن شيبان ، قال : أتانا ابن مربع الأنصاري ، ونحن بعرفة في مكان يباعده عمرو عن الإمام ، فقال : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم ، يقول : ( كونوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم ) . وحد عرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر . وليس وادي عرنة من الموقف ، ولا يجزئه الوقوف فيه .

                                                                                                                                            قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن من وقف به لا يجزئه . وحكي عن مالك ، أنه يهريق دما ، وحجه تام . [ ص: 208 ]

                                                                                                                                            ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { كل عرفة موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة } . رواه ابن ماجه . ولأنه لم يقف بعرفة ، فلم يجزئه ، كما لو وقف بمزدلفة . والمستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ، ويستقبل القبلة ; لما جاء في حديث جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة } .

                                                                                                                                            ( 2511 ) فصل : والأفضل ، أن يقف راكبا على بعيره ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك أعون له على الدعاء . قال أحمد ، حين سئل عن الوقوف راكبا ( بعرفة ) ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم وقف على راحلته . وقيل : الراجل أفضل ; لأنه أخف على الراحلة . ويحتمل التسوية بينهما . ( 2512 ) فصل : والوقوف ركن ، لا يتم الحج إلا به ، إجماعا .

                                                                                                                                            وقد روى الثوري ، عن بكير بن عطاء الليثي ، عن عبد الرحمن بن نعم الديلي ، قال : { أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ، فجاءه نفر من أهل نجد ، فقالوا : يا رسول الله ، كيف الحج ؟ قال : الحج عرفة ، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه } . رواه أبو داود ، وابن ماجه . قال محمد بن يحيى : ما أروي للثوري حديثا أشرف منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية