الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أثبت أن شأنه (تعالى) فعل ذلك؛ وأمثاله؛ من التفضيل؛ والتحويل؛ على حسب علمه؛ وقدرته؛ ثبت بغير شبهة أن لا مفزع إلا إليه؛ فأمره - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تحقيقا لذلك أن يأمرهم بما يظهر به عجز شركائهم؛ ردا عليهم في قولهم: لسنا بأهل لعبادته استقلالا؛ فنحن نعبد بعض المقربين؛ ليشفع لنا عنده؛ فقال (تعالى): قل ادعوا الذين ؛ وأشار إلى ضعف عقولهم؛ وعدم تثبتهم؛ بالتعبير بالزعم؛ فقال (تعالى): زعمتم ؛ أنهم آلهة; وبين سفول رتبتهم بقوله (تعالى): من دونه ؛ أي: من سواه؛ كالملائكة؛ وعزير؛ والمسيح؛ والأصنام؛ ليجلبوا لكم خيرا؛ أو يدفعوا عنكم ضرا؛ فلا ؛ أي: فإن دعوتموهم؛ أو لم تدعوهم؛ فإنهم لا يملكون كشف الضر ؛ أي: البؤس الذي من شأنه أن يرض الجسم كله؛ عنكم ؛ حتى لا يدعوا شيئا منه؛ ولا تحويلا ؛ له من حالة إلى ما هو أخف منها؛ فضلا عن أن يبدلوه بحالة حسنة؛ أو يحولوه إلى عدوكم؛ والآية نحو قوله (تعالى): فما تستطيعون [ ص: 450 ] صرفا ولا نصرا ؛ فكيف يتخذ أحد منهم دوني وكيلا؟ قالوا: وسبب نزولها شكوى قريش إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ما نزل بهم من القحط؛ حين دعا عليهم بسبع كسبع يوسف - عليه السلام -؛ ولم ينصب "يملكون"؛ لئلا يظن أن النفي مسبب عن الدعاء؛ فيتقيد به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية