الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( 74 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه ، واعظا لهم : واذكروا ، أيها القوم ، نعمة الله عليكم ( إذ جعلكم خلفاء ) ، يقول : تخلفون عادا في الأرض بعد هلاكها .

و " خلفاء " جمع " خليفة " . وإنما جمع " خليفة " " خلفاء " ، و " فعلاء " [ ص: 541 ] إنما هي جمع " فعيل " ، كما " الشركاء " جمع " شريك " ، و " العلماء " جمع " عليم " ، و " الحلماء " جمع " حليم " ، لأنه ذهب بالخليفة إلى الرجل ، فكأن واحدهم " خليف " ، ثم جمع " خلفاء " ، فأما لو جمعت " الخليفة " على أنها نظيرة " كريمة " و " حليلة " و " رغيبة " ، قيل " خلائف " ، كما يقال : " كرائم " و " حلائل " و " رغائب " ، إذ كانت من صفات الإناث . وإنما جمعت " الخليفة " على الوجهين اللذين جاء بهما القرآن ، لأنها جمعت مرة على لفظها ، ومرة على معناها .

وأما قوله : ( وبوأكم في الأرض ) ، فإنه يقول : وأنزلكم في الأرض ، وجعل لكم فيها مساكن وأزواجا ، ( تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا ) ، ذكر أنهم كانوا ينقبون الصخر مساكن ، كما : -

14823 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وتنحتون الجبال بيوتا ) ، كانوا ينقبون في الجبال البيوت .

وقوله : ( فاذكروا آلاء الله ) ، يقول : فاذكروا نعمة الله التي أنعم بها عليكم ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .

وكان قتادة يقول في ذلك ما : -

14824 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، [ ص: 542 ] عن قتادة قوله : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، يقول : لا تسيروا في الأرض مفسدين .

وقد بينت معنى ذلك بشواهده واختلاف المختلفين فيه فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية