الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 510 ] ( 15 ) باب ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا

                                                                                                                        1061 - مالك ; أنه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنا : إنه إذا مات ورثته أمه ، حقها في كتاب الله عز وجل ، وإخوته لأمه حقوقهم . ويرث البقية ، موالي أمه . إن كانت مولاة . وإن كانت عربية ، ورثت حقها . وورث إخوته لأمه حقوقهم . وكان ما بقي للمسلمين .

                                                                                                                        23027 - قال مالك : وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك .

                                                                                                                        [ ص: 511 ] 23028 - قال مالك : وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        23029 - قال أبو عمر : هذا مذهب زيد بن ثابت - كان يورث من ابن الملاعنة ، كما يورث من غيره ، ولا يجعل عصبة أمه عصبة له ، ويجعل ما فضل عن أمه لبيت مال المسلمين ، إلا أن يكون له إخوة لأم ، فيعطون حقوقهم منه ، كما لو كان غير ابن الملاعنة ، والباقي في بيت المال ، فإن كانت أمه مولاة جعل الباقي من فرض ذوي السهام لموالي أمه ، فإن لم يكن لها مولى حي جعله في بيت مال المسلمين .

                                                                                                                        23030 - وعن ابن عباس في ذلك مثل قول زيد بن ثابت .

                                                                                                                        23031 - وبه قال جمهور أهل المدينة : سعيد بن المسيب ، وعروة ، وسليمان ، وعمر بن عبد العزيز ، وابن شهاب ، وربيعة ، وأبو الزناد ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهما .

                                                                                                                        23032 - وهو قول أبي حنيفة ، وأصحابه ، وأهل البصرة ، إلا أن أبا حنيفة ، وأصحابه ، وأهل البصرة يجعلون ذوي الأرحام أولى من بيت المال ، [ ص: 512 ] فيجعلون ما فضل عن فرض أمه وإخوته ردا على أمه ، وعلى إخوته ، إلا أن تكون الأم مولاة ، فيكون الفاضل لمواليها .

                                                                                                                        23033 - وأما علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، فإنهم جعلوا عصبته عصبة ولده .

                                                                                                                        23034 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني وكيع ، قال : حدثني ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن علي ، وعبد الله أنهما قالا في ابن الملاعنة : عصبته عصبة أمه .

                                                                                                                        23035 - قال : وحدثني وكيع ، قال : حدثني موسى بن عبيدة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : ابن الملاعنة عصبته عصبة أمه يرثهم ، ويرثونه .

                                                                                                                        23036 - وهو قول إبراهيم ، والشعبي .

                                                                                                                        32037 - وروي عن علي أيضا ، وابن مسعود أنهما كانا يجعلان أمه عصبته ، فتعطى المال كله ، فإن لم يكن له أم ، فماله لعصبتها .

                                                                                                                        23038 - وبه قال الحسن ، ومكحول .

                                                                                                                        23039 - ومثل ذلك أيضا ، عن الشعبي ، وقتادة وابن سيرين ، وجابر بن [ ص: 513 ] زيد ، وعطاء ، والحكم ، وحماد ، وسفيان الثوري ، والحسن بن صالح بن حي ، وشريك ، ويحيى بن آدم ، وأحمد بن حنبل .

                                                                                                                        23040 - وكان علي - رضي الله عنه - يجعل ذا السهم من ذوي الأرحام أولى ممن لا سهم له ، فيرد عليه .

                                                                                                                        23041 - وقال به جماعة من العراقيين في هذه المسألة ، وقد أوضحناها في " التمهيد " .

                                                                                                                        23042 - وحجة من ذهب إلى خلاف قول زيد في حديث ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ألحق ولد الملاعنة بأمه .

                                                                                                                        23043 - وحديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ميراث الملاعنة لأمه ، ولورثتها من بعدها . . 23044 - وحديث واثلة بن الأسقع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المرأة تحوز ثلاثة مواريث : عتيقها ، ولقيطها ، وولدها الذي لاعنت عليه .

                                                                                                                        [ ص: 514 ] 23045 - ومكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك مثله .

                                                                                                                        23046 - ذكر أبو داود وغيره .

                                                                                                                        23047 - ذكر أحمد بن حنبل ، قال : حدثني يحيى بن زكريا ، قال : حدثني داود بن أبي هند ، قال : أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : كتبت إلى صديق لي من أهل المدينة من بني زريق ، أسأله عن ولد الملاعنة لمن قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكتب إلي : إني سألت ، فأخبرت أنه قضى به لأمه ، وهي بمنزلة أبيه وأمه .

                                                                                                                        23048 - قال أبو عمر : قيل معنى هذا الحديث ، أي هي في ابنها بمنزلة الأب ، تكون عصبة له ، وعصبتها عصبة لولدها ، وصار حكم التعصيب الذي من جهة الأب يكون من جهة الأم ، وصارت هي بمنزلة الأب .

                                                                                                                        23049 - فعلى هذا تحجب الإخوة .

                                                                                                                        23050 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه . 23051 - وعن الشعبي ، قال : سألت بالمدينة كيف صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - بولد الملاعنة ؟ قال : ألحقه بعصبة أمه .

                                                                                                                        23052 - وعن الشعبي أيضا ، قال : بعث أهل الكوفة رجلا إلى الحجاز في [ ص: 515 ] زمن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يسأل عن ميراث ابن الملاعنة ، فجاءهم الرسول أنه لأمه ، وعصبتها .

                                                                                                                        23053 - وعن ابن عباس ، قال : اختصم إلى علي - رضي الله عنه - في ميراث ولد الملاعنة ، فأعطى أمه الميراث ، وجعلها عصبته .

                                                                                                                        23054 - والرواية الأولى أشهر عن علي - رضي الله عنه - عند أهل الفرائض .

                                                                                                                        23055 - وقد روى خلاس ، عن علي في ابن الملاعنة مثل قول زيد بن ثابت : ما فضل عن إخوته فلبيت المال .

                                                                                                                        23056 - وأنكروها على خلاس ، ولخلاس عن علي أخبار يصر كثير من أنها نكارة عند العلماء ، وبالله التوفيق ، وهو حسبنا ، ونعم الوكيل .

                                                                                                                        تم كتاب الفرائض ، والحمد لله رب العالمين




                                                                                                                        الخدمات العلمية