[ ص: 334 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128nindex.php?page=treesubj&link=28991_32016أفلم يهد لهم كم اهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى
تفريع على الوعيد المتقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=127وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه . جعل الاستفهام الإنكاري التعجيبي مفرعا على الإخبار بالجزاء بالمعيشة الضنك لمن أعرض عن توحيد الله ؛ لأنه سبب عليه لا محالة ، تعجيبا من حال غفلة المخاطبين المشركين عما حل بالأمم المماثلة لهم في الإشراك والإعراض عن كتب الله وآيات الرسل . فضمائر جمع الغائبين عائدة إلى معروف من مقام التعريض بالتحذير والإنذار بقرينة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128يمشون في مساكنهم ، فإنه لا يصلح إلا أن يكون حالا لقوم أحياء يومئذ .
والهداية هنا مستعارة للإرشاد إلى الأمور العقلية بتنزيل العقلي منزلة الحسي ، فيئول معناها إلى معنى التبيين ، ولذلك عدي فعلها باللام ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=100أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها في سورة الأعراف . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128كم اهلكنا قبلهم من القرون معلقة فعل " يهد " عن العمل في المفعول ؛ لوجود اسم الاستفهام بعدها ، أي ألم يرشدهم إلى جواب
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128كم اهلكنا قبلهم ، أي كثرة إهلاكنا القرون . وفاعل " يهد " ضمير دل عليه السياق وهو ضمير الجلالة . والمعنى : أفلم يهد الله لهم جواب " كم أهلكنا " . ويجوز أن يكون الفاعل مضمون جملة " كم أهلكنا " . والمعنى : أفلم يبين لهم هذا السؤال ، على أن مفعول " يهد " محذوف تنزيلا للفعل منزلة اللازم ، أي يحصل لهم التبيين . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128يمشون في مساكنهم حال من الضمير المجرور باللام ؛ لأن عدم التبيين في تلك الحالة أشد غرابة وأحرى بالتعجيب .
[ ص: 335 ] والمراد بالقرون :
عاد وثمود . فقد كان العرب يمرون بمساكن
عاد في رحلاتهم إلى
اليمن ونجران وما جاورها ، وبمساكن
ثمود في رحلاتهم إلى
الشام . وقد مر النبيء - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون بديار
ثمود في مسيرهم إلى
تبوك . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=54إن في ذلك لآيات لأولي النهى في موضع التعليل للإنكار والتعجيب من حال غفلتهم عن هلاك تلك القرون . فحرف التأكيد للاهتمام بالخبر وللإيذان بالتعليل . و " النهى " - بضم النون والقصر - جمع نهية - بضم النون وسكون الهاء - : اسم العقل . وقد يستعمل النهى مفردا بمعنى العقل . وفي هذا تعريض بالذين لم يهتدوا بتلك الآيات بأنهم عديمو العقول ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=44إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا .
[ ص: 334 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128nindex.php?page=treesubj&link=28991_32016أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمَ اهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى
تَفْرِيعٌ عَلَى الْوَعِيدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=127وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ . جَعَلَ الِاسْتِفْهَامَ الْإِنْكَارِيَّ التَّعْجِيبِيَّ مُفَرَّعًا عَلَى الْإِخْبَارِ بِالْجَزَاءِ بِالْمَعِيشَةِ الضَّنْكِ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ ، تَعْجِيبًا مَنْ حَالِ غَفْلَةِ الْمُخَاطَبِينَ الْمُشْرِكِينَ عَمَّا حَلَّ بِالْأُمَمِ الْمُمَاثِلَةِ لَهُمْ فِي الْإِشْرَاكِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ كُتُبِ اللَّهِ وَآيَاتِ الرُّسُلِ . فَضَمَائِرُ جَمْعِ الْغَائِبِينَ عَائِدَةٌ إِلَى مَعْرُوفٍ مِنْ مَقَامِ التَّعْرِيضِ بِالتَّحْذِيرِ وَالْإِنْذَارِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَالًا لِقَوْمٍ أَحْيَاءٍ يَوْمَئِذٍ .
وَالْهِدَايَةُ هُنَا مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِرْشَادِ إِلَى الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ بِتَنْزِيلِ الْعَقْلِيِّ مَنْزِلَةَ الْحِسِّيِّ ، فَيَئُولُ مَعْنَاهَا إِلَى مَعْنَى التَّبْيِينِ ، وَلِذَلِكَ عُدِّيَ فِعْلُهَا بِاللَّامِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=100أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128كَمَ اهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ مُعَلِّقَةُ فِعْلِ " يَهْدِ " عَنِ الْعَمَلِ فِي الْمَفْعُولِ ؛ لِوُجُودِ اسْمِ الِاسْتِفْهَامِ بَعْدَهَا ، أَيْ أَلَمْ يُرْشِدْهُمْ إِلَى جَوَابٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128كَمَ اهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ ، أَيْ كَثْرَةُ إِهْلَاكِنَا الْقُرُونَ . وَفَاعِلُ " يَهْدِ " ضَمِيرٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَهُوَ ضَمِيرُ الْجَلَالَةِ . وَالْمَعْنَى : أَفَلَمْ يَهْدِ اللَّهُ لَهُمْ جَوَابَ " كَمْ أَهْلَكْنَا " . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مَضْمُونُ جُمْلَةِ " كَمْ أَهْلَكْنَا " . وَالْمَعْنَى : أَفَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ هَذَا السُّؤَالَ ، عَلَى أَنَّ مَفْعُولَ " يَهْدِ " مَحْذُوفٌ تَنْزِيلًا لِلْفِعْلِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ ، أَيْ يَحْصُلُ لَهُمُ التَّبْيِينُ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّبْيِينِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَشَدُّ غَرَابَةً وَأَحْرَى بِالتَّعْجِيبِ .
[ ص: 335 ] وَالْمُرَادُ بِالْقُرُونِ :
عَادٌ وَثَمُودُ . فَقَدْ كَانَ الْعَرَبُ يَمُرُّونَ بِمَسَاكِنِ
عَادٍ فِي رَحَلَاتِهِمْ إِلَى
الْيَمَنِ وَنَجْرَانَ وَمَا جَاوَرَهَا ، وَبِمَسَاكِنِ
ثَمُودَ فِي رَحَلَاتِهِمْ إِلَى
الشَّامِ . وَقَدْ مَرَّ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ بِدِيَارِ
ثَمُودَ فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى
تَبُوكَ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=54إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِلْإِنْكَارِ وَالتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ هَلَاكِ تِلْكَ الْقُرُونِ . فَحَرْفُ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ وَلِلْإِيذَانِ بِالتَّعْلِيلِ . وَ " النُّهَى " - بِضَمِّ النُّونِ وَالْقَصْرِ - جَمْعُ نُهْيَةٍ - بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْهَاءِ - : اسْمُ الْعَقْلِ . وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ النُّهَى مُفْرَدًا بِمَعْنَى الْعَقْلِ . وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِالَّذِينَ لَمْ يَهْتَدُوا بِتِلْكَ الْآيَاتِ بِأَنَّهُمْ عَدِيمُو الْعُقُولِ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=44إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا .