الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الثالثة : حلف : ليثنين على الله أحسن الثناء ، فطريق البر أيقول : لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك زاد إبراهيم المروزي في آخره : فلك الحمد حتى ترضى فصور المتولي المسألة فيما لو قال : لأثنين على الله تعالى بأجل الثناء ، أو أعظمه ، وزاد في أول الذكر سبحانك ولو قال : لأحمدن الله بمجامع الحمد ، وقال المتولي : بأجل التحاميد ، فطريق البر أن يقول : الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده ولو قال : لأصلين على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل الصلاة عليه ، فطريق البر أن يقول : اللهم صل على رسول الله محمد وعلى آل محمد كلما ذكره الذاكرون وكلما سها عن ذكره الغافلون . ذكره إبراهيم المروزي .

                                                                                                                                                                        [ ص: 66 ] قلت : أما الصورتان الأوليان ، فذكرهما جماعة من متأخري الخراسانيين ، وليس لهما دليل يعتمد . ومعنى " يوافي نعمه " أي : يلاقيها ، فتحصل معه ، " ويكافئ مزيده " بهمزة في آخره ، أي : يساوي مزيد نعمه ومعناه : يقوم لشكر ما زاد من النعم والإحسان . وأما مسألة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد ذكرها عن إبراهيم المروزي وحده ، وقد يستأنس لذلك بأن الشافعي - رحمه الله - كان يستعمل هذه العبارة ، ولعله أول من استعملها ، ولكن الصواب والذي ينبغي أن يجزم به أن أفضل ما يقال عقيب التشهد في الصلاة : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم إلى آخره ، فقد ثبت في الصحيح أنهم قالوا يا رسول الله : كيف نصلي عليك ، فقال : قولوا : اللهم صل على محمد إلى آخره . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        حلف : لا يصلي ، فهل يحنث بالتحرم بالصلاة أم لا يحنث حتى يركع ؟ أم حتى يفرغ من الصلاة ؟ فيه أوجه : أصحها الأول . ولو أفسدها بعد الشروع ، حنث على الأول ، ولا يحنث على الثالث ، ولا على الثاني إن لم يكن ركع ، ولا يجيء الثاني إذا صلى على جنازة . ولو أحرم مع إخلاله ببعض الشروط ، لم يحنث ، لأنه لم يصل لعدم انعقادها . ولو حلف : ما صليت وقد أتى بصورة صلاة فاسدة ، لم يحنث ولو لم يجد ماء ولا ترابا ، وصلى ، حنث ، لأنها صلاة إلا أن يريد الصلاة المجزئة . ولو قال : لا أصلي صلاة ، لا يحنث حتى يفرغ .

                                                                                                                                                                        قلت : وينبغي أن لا يحنث بسجود الشكر والتلاوة والطواف ، ويحنث بالصلاة بالإيماء ، حيث يحكم بصحتها . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        [ ص: 67 ] ولو حلف : لا يصوم ، فهل يحنث بأن يصبح صائما ، أو بأن ينوي صوم التطوع قبل الزوال ، أم لا يحنث حتى يتم ؟ فيه الخلاف . وإذا قلنا : لا يحنث إلا بالفراغ ، فهل نتبين استناد الحنث إلى الأول فيه وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : وينبغي أن يكون في الحج الخلاف في أنه يحنث بمجرد الإحرام ، أم بعد الفراغ . وعلى قياس الثاني اشتراط الركوع لكونه معظم الركعة يجيء وجه ثالث باشتراط الوقوف بعرفات ، وأما الاعتكاف فيحنث بمجرد نيته ، ويحتمل أن يجيء خلاف في اشتراط ساعة ، بناء على أنه لا يصح اعتكاف لحظة . ولو حلف : لا يقرأ حنث بما قرأه ولو بعض آية . - والله أعلم -

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية