الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما كنت بجانب الطور الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الفريابي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، معا في "الدلائل"، عن أبي هريرة في قوله : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا قال : نودوا : يا أمة محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن عساكر ، عن أبي هريرة قال : إن رب العزة نادى : يا أمة محمد، إن رحمتي سبقت غضبي . ثم أنزلت هذه الآية في سورة "موسى وفرعون" : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في "الدلائل"، وأبو نصر السجزي في "الإبانة"، والديلمي ، عن عمرو بن عبسة قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : [ ص: 473 ] وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك ما كان النداء؟ وما كانت الرحمة؟ قال : «كتاب كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بألفي عام، ثم وضعه على عرشه، ثم نادى : يا أمة محمد، سبقت رحمتي غضبي، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الختلي في «الديباج» عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في "الدلائل"، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني» . وذلك في قوله : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا قال : «نودوا : يا أمة محمد، ما دعوتمونا إذ استجبنا لكم، ولا سألتمونا إذ أعطيناكم» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لما قرب الله موسى إلى طور سيناء نجيا قال : أي رب، هل أحد أكرم عليك مني؛ قربتني نجيا، [ ص: 474 ] وكلمتني تكليما؟ قال : نعم، محمد أكرم علي منك . قال : فإن كان محمد أكرم عليك مني، فهل أمة أكرم من بني إسرائيل؛ فلقت لهم البحر وأنجيتهم من فرعون وعمله، وأطعمتهم المن والسلوى؟ قال : نعم، أمة محمد أكرم علي من بني إسرائيل . قال : إلهي أرنيهم . قال : إنك لن تراهم، وإن شئت أسمعتك صوتهم . قال : نعم، إلهي . فنادى ربنا : يا أمة محمد، أجيبوا ربكم» . قال : «فأجابوا وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم إلى يوم القيامة، فقالوا : لبيك، أنت ربنا حقا، ونحن عبيدك حقا . قال : صدقتم، وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقا، قد عفوت عنكم لكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن تسألوني، فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله، دخل الجنة» . قال ابن عباس : فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أراد أن يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى أمته، فقال : يا محمد : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو نصر السجزي في "الإبانة"، عن مقاتل : وما كنت بجانب الطور الآية . يقول : وما كنت أنت يا محمد بجانب الطور إذ نادينا أمتك وهم في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا . [ ص: 475 ] قال : إذ نادينا موسى، ولكن رحمة من ربك أي : مما قصصنا عليك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية