الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ( 78 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فأخذت الذين عقروا الناقة من ثمود ( الرجفة ) ، وهي الصيحة .

و " الرجفة " ، " الفعلة " ، من قول القائل : " رجف بفلان كذا يرجف رجفا " ، وذلك إذا حركه وزعزعه ، كما قال الأخطل :


إما تريني حناني الشيب من كبر كالنسر أرجف ، والإنسان مهدود



[ ص: 545 ] وإنما عنى ب " الرجفة " ، هاهنا الصيحة التي زعزعتهم وحركتهم للهلاك ، لأن ثمود هلكت بالصيحة ، فيما ذكر أهل العلم .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14828 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : " الرجفة " ، قال : الصيحة .

14829 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

14830 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( فأخذتهم الرجفة ) ، وهي الصيحة .

14831 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو سعد ، عن مجاهد : ( فأخذتهم الرجفة ) ، قال : الصيحة .

وقوله : ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) ، يقول : فأصبح الذين أهلك الله من ثمود ( في دارهم ) ، يعني في أرضهم التي هلكوا فيها وبلدتهم .

ولذلك وحد " الدار " ولم يجمعها فيقول " في دورهم " وقد يجوز أن يكون أريد بها الدور ، ولكن وجه بالواحدة إلى الجميع ، كما قيل : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ) [ العصر : 1 - 2 ] . [ ص: 546 ]

وقوله : ( جاثمين ) ، يعني : سقوطا صرعى لا يتحركون ، لأنهم لا أرواح فيهم ، قد هلكوا . والعرب تقول للبارك على الركبة : " جاثم " ، ومنه قول جرير :


عرفت المنتأى ، وعرفت منها     مطايا القدر كالحدإ الجثوم



وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14832 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) ، قال : ميتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية