الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا

                                                          [ ص: 4495 ] / أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا "الكهف ": مكان متسع في الجبل؛ و "الرقيم ": اسم للجبل؛ أو لوح من رصاص رقمت فيه أسماؤهم؛ أو واد بالجبل؛ وأيا ما كان فهو تعريف بمكان كهفهم؛ بجبله؛ أو بواديه؛ أو رصاص كتبت أسماؤهم عليه.

                                                          و "أم "؛ للاستفهام مع الإضراب لمن عجبته؛ وأنها ليست أكثر من عجائب الوجود؛ والخلق بإرادة الله؛ فليس بقاء أجسام إنسانية حية أمدا طويلا؛ كما أنه ليس وجودهم راقدين أكثر من ثلاثمائة سنة أمرا عجبا في ذاته؛ من خلق السماوات والأرض وما فيها؛ أو من خلق الإنسان من طين؛ أو من أدوار خلق الإنسان من نطفة من ماء؛ إلى علقة؛ إلى مضغة؛ ليس بقاؤهم أحياء رقودا أعجب من هذا الخلق العظيم.

                                                          والاستفهام مقصود منه التنبيه؛ وتوجيه الأنظار أولا إلى أن هذا كان عجابا؛ أي أحسبتم أن أصحاب الكهف؛ والمقام الذي كان كهفهم على مقربة؛ عجبا من آيات الله؛ إنها ليست بعجب من آيات الله تزيد على آياته في خلقه؛ إن كل خلق الله (تعالى) آيات لأولي الألباب؛ وإذا كان في أهل الكهف شيء فهو في دلالته على قدرة الله (تعالى) في الإحياء والرقود؛ وهو دال على البعث بعد الموت; لأنه إذا كان قادرا على الإبقاء فهو قادر على الإعادة؛ وإذا كان قادرا على الإنشاء والإبقاء؛ فهو قادر على الإعادة.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية