الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [45] واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنـزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا .

                                                                                                                                                                                                                                      واضرب لهم مثل الحياة الدنيا أي: اذكر لهم ما تشبهه في زهرتها وسرعة زوالها: كماء أنـزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض أي: فالتف بسببه وتكاثف، حتى خالط بعضه بعضا، فشب وحسن وعلاه الزهر والنور والنضرة: فأصبح أي: بعد ذلك الزهو: هشيما أي: جافا يابسا مكسورا: تذروه الرياح أي: تفرقه وتنسفه ذات اليمين وذات الشمال كأن لم يكن، وهكذا حال الدنيا وحال مجرميها، فإن ما نالهم من شرف الحياة كالذي حصل للنبات من شرف النمو. ثم يزولون زوال النبات: وكان الله على كل شيء مقتدرا أي: على كل من الإنشاء والإفناء كامل القدرة. ولما كان هذا المثل للحياة الدنيا من أبهج المثل وأبدعها، ضرب كثيرا في التنزيل، كقوله تعالى في سورة [ ص: 4066 ] يونس: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنـزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام وفي الزمر: ألم تر أن الله أنـزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه الآية. وفي الحديد: اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية