الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما قرر - سبحانه - قدرته على التفضيل في الحياة الحسية؛ والمعنوية؛ والمفاضلة بين الأشياء في الشيئين؛ فثبت بذلك قدرته على البعث؛ وختم ذلك بتفضيل البشر؛ وكان يوم الدين أعظم يوم يظهر فيه التفضيل؛ أبدل من قوله: "يوم يدعوكم" - مرهبا من سطواته في ذلك اليوم؛ ومرغبا في اقتناء الفضائل في هذا اليوم - قوله (تعالى): يوم ندعوا ؛ أي: بتلك العظمة؛ كل أناس ؛ أي: منكم؛ بإمامهم ؛ أي: بمتبوعهم الذي كانوا يتبعونه؛ فيقال: يا أتباع نوح؛ يا أتباع إبراهيم؛ يا أتباع عيسى؛ يا أتباع محمد؛ فيقومون؛ فيميز بين محقيهم؛ ومبطليهم؛ ويقال: يا أتباع الهوى؛ يا أتباع النار؛ يا أتباع الشمس؛ يا أتباع الأصنام؛ ونحو هذا؛ أو يكون المراد بسبب أعمالهم التي ربطناهم بها ربط المأموم بإمامه؛ كما قال (تعالى): وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ؛ وسماها إماما لكونهم أموها؛ واجتهدوا في قصدها؛ وندفع إليهم الكتب التي أحصت [ ص: 478 ] حفظتنا فيها تلك الأعمال؛ فمن أوتي ؛ منهم؛ من مؤت ما؛ كتابه بيمينه ؛ فهم البصراء القلوب؛ لتقواهم وإحسانهم؛ وهم البصراء في الدنيا؛ ومن كان في هذه الدنيا بصيرا؛ فهو في الآخرة أبصر؛ وأهدى سبيلا؛ فأولئك ؛ أي: العالو المراتب؛ يقرءون كتابهم ؛ أي: يجددون قراءته؛ ويكررونها؛ سرورا بما فيه؛ كما هو دأب كل من سر بكتاب؛ ولا يظلمون ؛ بنقص حسنة ما؛ من ظالم ما؛ فتيلا ؛ أي: شيئا هو في غاية القلة والحقارة؛ بل يزادون بحسب إخلاص النيات؛ وطهارة الأخلاق؛ وزكاء الأعمال؛ ومن أوتي كتابه بشماله فهو لا يقرأ كتابه؛ لأنه أعمى في هذه الدار؛

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية