الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : في ذكر صلاة الخلق عليه :

                                                                                                                                                                                                              وفي ذلك روايات مختلفة عن جماعة من الصحابة أوردناها في كتاب مختصر النيرين في شرح الصحيحين ; فمن ذلك ثمان روايات : [ ص: 621 ] الأولى : روى مالك في الموطأ عن أبي حميد الساعدي { أنهم قالوا : يا رسول الله ; كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد } .

                                                                                                                                                                                                              الثانية : روى مالك عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة ، فقال بشير بن سعد : { أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم } .

                                                                                                                                                                                                              الثالثة : روى النسائي عن طلحة مثله بإسقاط قوله : في العالمين ، وقوله : والسلام كما قد علمتم .

                                                                                                                                                                                                              الرابعة : عن كعب بن عجرة قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : تلقاني كعب بن عجرة ، فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ قلت : بلى . قال : { خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله ; هذا السلام عليك قد علمناه ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد } .

                                                                                                                                                                                                              الخامسة : عن بريدة الخزاعي قال : { قلنا يا رسول الله ; قد علمنا كيف السلام [ ص: 622 ] عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد } .

                                                                                                                                                                                                              السادسة : عن أبي سعيد الخدري قال : { قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا هذا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم } .

                                                                                                                                                                                                              السابعة : روى أبو داود عن أبي هريرة قال : { من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل : اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين ، وذريته وأهل بيته ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد } .

                                                                                                                                                                                                              الثامنة : من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه : { اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم ترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم سلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ; إنك حميد مجيد } .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : من هذه الروايات صحيح ، ومنها سقيم ، وأصحها ما روي عن مالك فاعتمدوه .

                                                                                                                                                                                                              ورواية من روى غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها لا يقوى ; وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم ، وهم لا يأخذون في البيع دينارا معيبا ، وإنما يختارون السالم الطيب ; كذلك في الدين لا يؤخذ من الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 623 ] إلا ما صح سنده لئلا يدخل في خبر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص ، بل ربما أصاب الخسران المبين .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية