الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب إذا أقام بأرض العدو يقصر

                                                                      1235 حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة قال أبو داود غير معمر يرسله لا يسنده

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( يقصر الصلاة ) : وقد اختلف العلماء في تقدير المدة التي يقصر فيها المسافر إذا أقام ببلدة وكان مترددا غير عازم على إقامة أيام معلومة ، فذهب بعضهم إلى أن من لم يعزم إقامة مدة معلومة كمنتظر الفتح يقصر إلى شهر ويتم بعده ، وذهب أبو حنيفة وأصحابه وهو مروي عن الشافعي إلى أنه يقصر أبدا لأن الأصل السفر . وما روي من قصره ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مكة وتبوك دليل لهم لا عليهم لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قصر مدة إقامته ولا دليل على التمام فيما بعد تلك المدة ، ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقام بحنين أربعين يوما يقصر الصلاة ولكنه قال تفرد به الحسن بن عمارة وهو غير محتج به ، وروي عن ابن عمر وأنس أنه يتم بعد أربعة أيام . قال الشوكاني : والحق أن الأصل في المقيم الإتمام لأن القصر لم يشرعه الشارع إلا للمسافر ، والمقيم غير مسافر ، فلولا ما ثبت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قصره بمكة وتبوك مع الإقامة لكان المتعين هو الإتمام ، فلا ينتقل عن ذلك الأصل إلا بدليل ، وقد دل الدليل على القصر مع التردد إلى عشرين يوما كما في حديث جابر ، ولم يصح أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قصر في الإقامة أكثر من ذلك فيقتصر على هذا المقدار ، ولا شك أن قصره ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تلك المدة لا ينفي القصر فيما زاد عليها ولكن ملاحظة الأصل المذكورة هي القاضية بذلك ( غير معمر لا يسنده ) : ورواه ابن حبان والبيهقي من حديث معمر وصححه ابن حزم والنووي وأعله الدارقطني في العلل بالإرسال والانقطاع ، وأن علي بن المبارك وغيره من الحفاظ رووه عن يحيى بن أبي كثير عن ابن ثوبان مرسلا ، وأن الأوزاعي رواه عن يحيى عن أنس فقال بضع عشرة ، وبهذا اللفظ رواه جابر أخرجه البيهقي من طريقه والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية