الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا بعد أن بين الله (تعالى) جزاء العصاة؛ عبدة الأوثان؛ ذكر ما يستقبل المؤمنين المطيعين؛ الذين يعملون الصالحات؛ فقال - عز من قائل -: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا جعل الله (تعالى) سبب ما يستقبلهم من النعيم أمرين؛ الأمر الأول: إيمان صادق؛ وإخلاص يعمر القلوب؛ فإنه لا ثواب من غير قلب منيب؛ الأمر الثاني: عمل صالح نافع ؛ بأداء ما أمر الله به؛ واجتناب ما نهى الله عنه؛ في استقامة قلب؛ وكمال قصد؛ واتجاه إلى النفع.

                                                          ويلاحظ هنا أنه أظهر في موضع الإضمار؛ فلم يقل: "إنا لا نضيع أجرهم " بذكر الضمير الذي يربط بين المبتدإ والخبر؛ بل أظهر بالموصول؛ فقال: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا لبيان أن استحقاقه الأجر بسبب إحسان العمل؛ وإتقانه؛ وقد أكد الجزاء؛ وأنه لا يضيع عملا؛ ولا يظلم الناس أشياءهم؛ في قوله: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أكد الكلام بـ "إن "؛ وبإضافة الجزاء إليه - جل جلاله.

                                                          هنا ذكر الجزاء مبهما؛ أو ذكره سلبيا؛ بأنه - سبحانه وتعالى - لا يحرمهم من حقوقهم؛ ولا يضيع عليهم أجورهم؛ ثم ذكره - سبحانه - بعد ذلك إيجابيا؛ عطاء [ ص: 4526 ] مفصلا؛ فذكر - سبحانه وتعالى - ما يدل على نعيمهم من ثيابهم؛ واطمئنانهم؛ فقال:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية