الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في سجوده- صلى الله عليه وسلم- للشكر وصلاته ركعتين لذلك

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام وأبو داود عن أبي بكرة- رضي الله تعالى عنه- «أنه شهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ، ورأسه في حجر عائشة فقام فخر ساجدا ، ثم أنشأ يسأل البشير وأخبره بما أخبره أنه ولي [أمرهم امرأة ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- :

                                                                                                                                                                                                                              «الآن هلكت الرجال إذا أطاعت النساء» . ثلاثا ]
                                                                                                                                                                                                                              . ورواه الإمام أحمد وأبو داود ، والترمذي وابن ماجه ولفظهما : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدا شكرا لله تعالى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن أنس- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بشر بحاجة فخر ساجدا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي بسند صحيح عن البراء بن عازب- رضي الله تعالى عنهما- أن عليا- رضي الله تعالى عنه- لما وجهه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن وأسلمت همدان جميعا كتب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بإسلامهم فلما قرأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الكتاب خر ساجدا وقال :

                                                                                                                                                                                                                              «السلام على همدان ، السلام على همدان» . مرتين .


                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم بشر برأس أبي جهل صلى ركعتين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص قال : خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-[من مكة نريد المدينة ، فلما كنا قريبا من عزورا نزل ثم رفع يديه ، فدعا الله ساعة ثم خر ساجدا ، فمكث طويلا ، ثم قام فرفع يديه ، فدعا الله ساعة ، ثم خر ساجدا ، فمكث طويلا ثم قام فرفع يديه ساعة ، ثم خر ساجدا ، ذكره أحمد ثلاثا . قال : إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي ، فخررت ساجدا شكرا لربي ، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي ، فخررت [ ص: 206 ] ساجدا شكرا لربي ، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي ، فأعطاني الثلث الآخر ، فخررت ساجدا لربي] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني بسند ضعيف عن ابن جعفر رضوان الله عليه وعلى آبائه «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا من النغاشين فخر ساجدا» .

                                                                                                                                                                                                                              النغاش- بنون فغين فشين معجمتين بينهما ألف القصير-

                                                                                                                                                                                                                              ورواه ابن أبي شيبة عنه مرسلا بلفظ قال : مر على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجل قصير فسجد سجدة الشكر وقال : «الحمد لله الذي لم يجعلني مثل هذا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عرفجة- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبصر رجلا زمانة فسجد ، ورواه أيضا من حديث ابن عمر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني من طريق يوسف بن محمد بن المنكدر عن جابر- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى رجلا متغير الخلق ، سجد ، وإذا رأى قردا سجد ، وإذا قام من مقامه سجد فيه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال ثقات عن عبد الرحمن بن عوف- رضي الله تعالى عنه- قال : خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتوجه نحو مشربته فدخل فاستقبل القبلة فخر ساجدا فأطال السجود حتى ظننت أن الله تعالى قد قبض نفسه فيها ، فدنوت منه فرفع رأسه فقال : «من هذا ؟ » قلت : عبد الرحمن ، قال : «ما شأنك ؟ » قلت : يا رسول الله ، سجدت سجدة خشيت أن الله تعالى قد قبض نفسك فيها ، قال : «إن جبريل- صلى الله عليه وسلم- أتاني فبشرني فقال : إن الله تبارك وتعالى يقول من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه ، فسجدت لله شكرا» .

                                                                                                                                                                                                                              وفي هذا المعنى أحاديث تأتي- إن شاء الله تعالى- في أبواب الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- ، وزاده الله فضلا وشرفا لديه . [ ص: 207 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية